للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَأَنَا دَاعٍ لَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ قِيَامًا بِبَعْضِ الْوَاجِبِ مِن حَقِّهِمْ؛ وَتَقَرُّبًا إلَى اللهِ تَعَالَى فِي مُعَامَلَتِهِ فِيهِمْ (١).

٣٣٥٩ - كِتَابُ الشَّيْخِ إلَى وَالِدَتِهِ يَقُولُ فِيهِ: مِن أَحْمَد ابْنِ تَيْمِيَّة إلَى الْوَالِدَةِ السَّعِيدَةِ أَقَرَّ اللهُ عَيْنَيْهَا بِنِعَمِهِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهَا جَزِيلَ كَرَمِهِ وَجَعَلَهَا مِن خِيَارِ إمَائِهِ وَخَدَمِهِ، سَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

تَعْلَمُونَ أَنَّ مُقَامَنَا السَّاعَةَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ إنَّمَا هُوَ لِأُمُور ضَرُورِيَّةٍ، مَتَى أَهْمَلْنَاهَا فَسَدَ عَلَيْنَا أَمْرُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلَسْنَا -وَاللهِ- مُخْتَارِينَ لِلْبُعْدِ عَنْكُمْ، وَلَو حَمَلَتْنَا الطُّيُورُ لَسِرْنَا إلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ الْغَائِبَ عُذْرُهُ مَعَهُ، وَأَنْتُمْ لَو اطَّلَعْتُمْ عَلَى بَاطِنِ الْأُمُورِ فَإِنَّكُمْ -وَللهِ الْحَمْدُ- مَا تَخْتَارُونَ السَّاعَةَ إلَّا ذَلِكَ، وَلَمْ نَعْزِمْ عَلَى الْمُقَامِ وَالِاسْتِيطَانِ شَهْرًا وَاحِدًا؛ بَل كُلَّ يَوْمٍ نَسْتَخِيرُ اللهَ لنَا وَلَكُمْ، وَادْعُوا لنَا بِالْخِيَرَةِ (٢)، فَنَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَخِيرَ لنَا وَلَكُمْ وَللْمُسْلِمِينَ مَا فِيهِ الْخِيَرَةُ فِي خَيْبر وَعَافِيَةٍ.

وَمَعَ هَذَا فَقَد فَتَحَ اللهُ مِن أَبْوَاب الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْبَرَكَةِ مَا لَمْ يَكُن يَخْطُرُ بِالْبَالِ وَلَا يَدُورُ فِي الْخَيَالِ (٣).

وَنَحْنُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَهْمُومُونَ بِالسَّفَرِ مُسْتَخِيرُونَ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَلَا يَظُنُّ الظَّانُّ أَنَا نُؤْثِرُ عَلَى قُرْبِكُمْ شَيْئًا مِن أُمُورِ الدُّنْيَا قَطُّ، بَل وَلَا نُؤْثِرُ مِن أُمُورِ الدِّينِ مَا يَكُونُ قُرْبُكُمْ أَرْجَحَ مِنْهُ (٤).

وَلَكِنْ ثَمَّ أُمُورٌ كِبَارٌ نَخَافُ الضَّرَرَ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ مِن إهْمَالِهَا، وَالشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ.


(١) هذا يُؤكد حبّ الشيخ للاجتماع مع أصدقائه ومحبيه، وأنه ليس في عزلة عنهم، وأنه حريصٌ على رعاية حق إخوانه وأَصْحَابهِ، وتفقدهم وإدخال السرور عليهم، والدعاء لهم بالليل والنهار.
(٢) لم يقل: ادعو لنا بالجلوس أو بالقدوم، بل بالخيرة؛ أي: الخيرة من الأمر.
(٣) يُطمئنها ويهدئ من قلقها.
(٤) لعلمه بأن بر الوالدين والقرب منهما من أعظم الأعمال وأحبها إلى الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>