للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالطَّائِفَةُ الْمُخَذِّلَةُ، وَهُم الْقَاعِدُونَ عَن جِهَادِهِمْ، وَإِن كَانُوا صَحِيحِي الْإِسْلَامِ.

فَلْيَنْظُر الرَّجُلُ أَيَكُونُ مِن الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ أَمْ مِن الْخَاذِلَةِ أَمْ مِن الْمُخَالِفَةِ؟ فَمَا بَقِيَ قِسْمٌ رَابعٌ.

وَاعْلَمُوا- أَصْلَحَكمْ اللهُ- أَنَّ النُّصْرَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ، وَأَنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ.

وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مَقْهُورُونَ مَقْمُوعُونَ، وَاللهُ سبحانه وتعالى نَاصِرُنَا عَلَيْهِمْ، وَمُنْتَقِمٌ لَنَا مِنْهُمْ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

فَأَبْشِرُوا بِنَصْرِ اللهِ تَعَالَى وَبِحُسْنِ عَاقِبَتِهِ {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)} [آل عمران: ١٣٩].

وَهَذَا أَمْرٌ قَد تيَقَّنَّاهُ وَتَحَقَّقْنَاهُ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَاعْلَمُوا- أَصْلَحَكُم اللهُ- أَنَّ مِن أَعْظَم النّعَم عَلَى مَن أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا أَنْ أَحْيَاهُ إلَى هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي يُجَدِّدُ اللهُ فِيهِ الَدِّينَ، وَيُحْيِي فِيهِ شِعَارَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْوَالَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ، حَتَّى يَكُونَ شَبِيهًا بِالسَّابِقِينَ الْأَوَّلينَ مِن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَمَن قَامَ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِذَلِكَ كَانَ مِن التَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان، الَّذِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُم جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْمِحْنَةِ الَّتِي حَقِيقَتهَا مِنْحَة كَرِيمَة مِن اللهِ، وَهَذِهِ الْفِتْنَةِ الَّتِي فِي بَاطِنِهَا نِعْمَةٌ جَسِيمَةٌ، حَتَّى- وَاللهِ- لَو كَانَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ- كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ- حَاضِرِينَ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَكَانَ مِن أَفْضَلِ أَعْمَالِهِمْ جِهَادُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>