للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤١١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الطَّائِفَة الْمُمْتَنِعَةِ لَو تَرَكَت السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ هَل يَجُوزُ قِتَالُهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.

فَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ وَالْمحَرَّمَاتُ الظَاهِرَةُ وَالْمُسْتَفِيضَةُ فَيُقَاتَلُ عَلَيْهَا بِالِاتِّفَاقِ (١).

وَقِتَالُ هَؤُلَاءِ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً بَعْدَ بُلُوغِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلَيْهِم بِمَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ.

فَأَمَّا إذَا بَدَؤُوا الْمُسْلِمِينَ فَيَتَأَكَّدُ قِتَالُهُم كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قِتَالِ الْمُمْتَنِعِينَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ قُطَّاعِ الطُّرُقِ.

فَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْعَدُوُّ الْهُجُومَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ دَفْعُهُ وَاجِبًا عَلَى الْمَقْصُودِينَ كُلِّهِمْ وَعَلَى غَيْرِ الْمَقْصُودِينَ؛ لِإِعَانَتِهِمْ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: ٧٢]، وَكَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِنَصْرِ الْمُسْلِمِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ مِن الْمُرْتَزَقَةِ لِلْقِتَالِ أَو لَمْ يَكُنْ (٢).

وَهَذَا يَجِبُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مَعَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَالْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ، كَمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا قَصَدَهُم الْعَدُوُّ عَامَ الْخَنْدَقِ لَمْ يَأذَن اللهُ فِي تَرْكِهِ لِأَحَد، كَمَا أَذِنَ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ ابْتِدَاءً لِطَلَبِ الْعَدُوِّ الَّذِي قَسَمَهُم فِيهِ إلَى قَاعِدٍ وَخَارجٍ؛ بَل ذَمَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣)} [الأحزاب: ١٣].


(١) وقال في موضع آخر: وَهَذَا مَا لَا أعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. (٢٨/ ٥٠٣)
(٢) أي: سواءٌ كان يأخذ مرتّبًا من الدولة على جهاده أم لا، والمرتزق: هو كل شخص يقوم بأي عمل بمقابل مادي، بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه، وغالبًا يطلق على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>