العلم؛ فإن المسلمين لما أرادوا أن يزيدوا جامع دمشق بالكنيسة التي إلى جانبه وكانت من كنائس الصلح لم يكن لهم أخذها قهرًا، فاصطلحوا على المعاوضة بإقرار كنائس العنوة التي أرادوا انتزاعها، وكان ذلك الإقرار عوضًا عن كنيسة الصلح التي لم يكن لهم أخذها عنوة.
٣٤٧٤ - متى انتقض عهدهم: جاز أخذ كنائس الصلح منهم فضلًا عن كنائس العنوة كما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان لقريظة والنضير لما نقضوا العهد؛ فإن ناقض العهد أسوأ حالًا من الكافر الأصلي؛ ولذلك لو انقرض أهل مصر من الأمصار ولم يبق من دخل في عهدهم فإنه يصير للمسلمين جميع عقارهم ومنقولهم من المعابد وغيرها فيئًا، فإذا عقدت الذمة لغيرهم كان كالعهد المبتدأ وكان لمن يعقد لهم الذمة أن يقرهم في المعابد، وله أن لا يقرهم بمنزلة ما فتح ابتداء، فإنه لو أراد الإمام عند فتحه هدم ذلك جاز بإجماع المسلمين، ولم يختلفوا في جواز هدمه، وإنما اختلفوا في جواز بقائه، وإذا لم تدخل في العهد كانت فيئًا للمسلمين.
وهذا الجواب حكمه فيما كان من معابدهم قديمًا قبل فتح المسلمين.
أمَّا ما حدث بعد ذلك فإنه يجب إزالته، ولا يُمَكَّنون من إحداث البِيَع والكنائس، كما شرط عليهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الشروط المشهورة عنه:"ألا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديرًا ولا قلاية"؛ امتثالًا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا تكون قبلتان ببلد واحد"(١) رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، ولما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: لا كنيسة في الإسلام.
وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار، ومذهب جمهورهم في القرى، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن