للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِن طَاعَةِ آمِرٍ وَنَاهٍ: فَمَعْلُومٌ أَنَّ دُخُولَ الْمَرْءِ فِي طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ خَيْرٌ لَهُ (١)، وَهُوَ الرَّسُولُ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الْمَكْتُوبُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَن الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُم الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِم الْخَبَائِثَ، وَذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ.

وَإِذَا كَانَ جِمَاعُ الدِّينِ وَجَمِيعُ الْوِلَايَاتِ هُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ؛ فَالْأَمْرُ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ: هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ: هُوَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَهَذَا نَعْتُ النَّبِيَّ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ٧١]، وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَادِرٍ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.

وَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْقَادِرِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ.

وَالْقُدْرَةُ هُوَ السُّلْطَانُ وَالْوِلَايَةُ، فَذَوُو السُّلْطَانِ أَقْدَرُ مِن غَيْرِهِمْ، وَعَلَيْهِم مِن الْوُجُوبِ مَا لَيْسَ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ مَنَاطَ الْوُجُوبِ فوَ الْقُدْرَةُ، فَيَجِبُ عَلَى كُلَّ إنْسَانٍ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].

٣٤٨٤ - إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ، وَعَاقِبَة الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ، وَلِهَذَا يُرْوَى: "اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِن كَانَت كَافِرَةً، وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِن كَانَت مُؤْمِنَةً".

٣٤٨٥ - يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَلِيَّ أَمْرٍ أَنْ يَسْتَعِينَ بِأَهْلِ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ اسْتَعَانَ بِالْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ، وَإِن كَانَ فِيهِ كَذِبٌ وَظُلْمٌ؛ فَإِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِأَقْوَام لَا خَلَاقَ لَهُمْ، وَالْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْمَقْدُورِ، وَقَد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَو عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "مَن قَلَّدَ رَجُلًا عَلَى عِصَابَةٍ


(١) والمرء لا ينفك من دخوله في طاعة غيره، من ملك أو رئيس أو هوى، فإذا كان كذلك: فلْتكن طاعته تحت من تنفعُه طاعتُه، وتضرُّه معصيتُه، وهو الله جل جلاله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>