يُمْلكُ أَو لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ لَا يُمْلكُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورينِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهُوَ مَنْصُوصٌ لِلشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا بَيْعُ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ بِكَمَالِهَا أَو بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهَا: "فَمَا عَلِمْت فِيهِ تَنَازُعًا إذَا كَانَت الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً، وَقَد نَدَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلَى شِرَاءِ بِئْرِ رُومَةَ مِن مَالِكِهَا الْيَهُودِيِّ، فَاشْتَرَى عُثْمَانُ بْنُ عفان نِصْفَهَا وَحَبَسَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ دَلْوُهُ مِنْهَا كَدَلْوِ وَاحِدٍ مِن الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَمَّا رَأَى الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ بَاعَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَاشْتَرَاهُ عُثْمَانُ، وَجَعَلَ الْبِئْرَ كُلَّهَا حَبْسًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ".
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى عِدَّةِ مَسَائِلَ؛ مِثْل وَقْفِ الْمُشَاعِ، وَيكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي مِثْل ذَلِكَ: هَل فِيهِ شُفْعَةٌ؟
فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ كَأَبي حَنِيفَةَ .. وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَن الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ.
وَالْأظْهَرُ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهم اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ ذَلِكَ، وَجَوَازُ هِبَةِ ذَلِكَ أَظْهَرُ مِن جَوَازِ بَيْعِهِ.
٣٥٢٧ - قَوْلُهُ: "النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ" (١): فَهُوَ حَدِيثْ مَعْرُوفٌ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَقَد اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ، فَمَن سَبَقَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.
وَأَمَّا النَّابِتُ فِي الْأرْضِ الْمَمْلُوكَةِ: فَإِنَّهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِن كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ، وَأكْثَرُهُم يُجَوِّزُونَ أَخْذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ، ويُجَوِّزُونَ رَعْيَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
(١) رواه ابن ماجه (٢٤٧٢)، وأحمد (٢٣٠٨٢، ٢٣٠٨٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute