للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تُقْصَدُ بِالْبَيْعِ أَصْلًا، وإِنَّمَا مَقْصُودُهُ أَنَّ الْوَظِيفَةَ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا نُوَّابُ السُّلْطَانِ تُسْقِطُ عَنْهُ الْحُقُوقَ، وَيأْخُذُ هَذَا الْبَائِعُ بَعْضَهَا أَو عِوَضَهَا مِنْهُ؛ لِأنَّ الْبَائِعَ كَانَت تَسْقُطُ عَنْهُ.

وَهَذَا يُشْبِهُ مَا يُطْلَقُ مِن بَيْتِ الْمَالِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ إطْلَاقًا لِمَن وَفَدَ عَلَى السُّلْطَانِ أَو خَرَّجَ بَرِيدًا أَو غَيْرَ ذَلِكَ.

وَهَذَا إنَّمَا يُعْطَاهُ إذَا عَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ، فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ وَلَا عِوَضُهُ لَمْ يُعْطَه.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَإِذَا كَانَ هَذَا لِلْعَارِضِ لَا هُوَ وَلَا صَاحِبُ التَّوْقِيعِ لَمْ يُطْلَقْ لَهُ شَيءٌ.

وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْئًا، وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ لَازِمًا حَتَّى يَجِبَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ بَل غَايَتُهُ إنْ قِيلَ بِالْجَوَازِ كَانَ جَائِزًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ (١).

٣٥٣١ - وَسئِلَ -رحمه الله-: عَن رَجُلٍ أَخَذَ سَنَةَ الْغَلَاءِ غَلَّةً (٢) وَقَالَ لَهُ: قَاطِعْنِي (٣) فِيهَا قَالَ لَهُ: حَتَّى يَسْتَقِرَّ السِّعْرُ (٤)، وَصَبَرَ أَشْهُرًا (٥)، وَحَضَرَ فَأَخَذَ حَظَّهُ بِمِائَة وَخَمْسِينَ إرْدَبًّا (٦) فَهَل لَهُ ثَمَنٌ أَو غَلَّةٌ؟

فَأَجَابَ: الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْألَةِ أنَّ لَهُ مَا تَرَاضَيَا وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ، سَوَاءٌ قِيلَ: إنَّ الْوَاجِبَ كَانَ أَوَّلًا هُوَ السِّعْرُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد أَنَّ الْبَيْعَ بِالسِّعْرِ صَحِيحٌ.


(١) جواب الشيخ الدقيق ينمّ عن فطنته وذكائه -رحمه الله-.
(٢) الغَلَّة: جمع غَلَّات؛ أي: المحاصيل الزرِاعية. قال ابن الأثير: هي: الدَّخْل الَّذِي يَحْصُل مِنَ الزَّرْع والثَّمر وَاللَّبَنِ وَالْإجَارَةِ والنِّتاج وَنحْوِ ذَلِكَ. النهاية، مادة: (غلل).
(٣) قَاطَع فُلَانًا على كَذَا وَكَذَا من الْأجر وَالْعَمَل وَنَحْوهمَا: ولَّاه إِيَّاه بِأجْرَةٍ مُعينَة.
(٤) أي: تعمل عندي حتى يستقر السعر ويزول الغلاء.
(٥) أي: عمل عنده مدة هذه الأشهر التي فيها الغلاء.
(٦) الإرْدَبّ: مكيالٌ لتقدير الحبوب يسع أربعة وعشرين صاعًا، ويزن مِائةً وخمسين كيلو جرامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>