للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اشترط عثمان لصهيب وقف داره عليه، ومثل هذا أن يبيعه بشرط أن يعلمه، أو شرط ألا يخرجه من ذلك البلد، أو شرط ألا يستعمله في العمل الفلاني، أو أن يزوجه، أو يساويه في المطعم، أو لا يبيعه، أو لا يهبه.

فإذا امتنع المشتري من الوفاء فهل يجبر عليه أو يفسخ؟ على وجهين، وهو قياس قولنا: إذا شرط في النكاح ألا يسافر بها أو ألا يتزوج عليها؛ إذ لا فرق في الحقيقة بين الزوجة والمملوك.

٣٥٥٦ - الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فِيهَا، فِيمَا يَحِلُّ مِنْهَا وَيَحْرُمُ، وَمَا يَصِحُّ مِنْهَا وَيَفْسُدُ، وَمَسَائِلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَاَلَّذِي يُمْكِنُ ضَبْطُهُ فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: الْأصْلُ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فِيهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ: الْحَظْرُ، إلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِجَازَتهِ، فَهَذَا قَوْلُ أهْلِ الظَّاهِرِ وَكَثِيرٌ مِن أُصُولِ أَبِي حَنِيفَةَ تَنْبَنِي عَلَى هَذَا.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ، وَلَا يَحْرُمُ مِنْهَا ويبْطُلُ إلَّا مَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وإِبْطَالِهِ نَصًّا أَو قِيَاسًا عِنْدَ مَن يَقُولُ بِهِ.

وَأُصُولُ أَحْمَد الْمَنْصُوصَةُ عَنْهُ: أَكثَرُهَا يَجْرِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَمَالِكٌ قَرِيبٌ مِنْهُ، لَكنَّ أَحْمَد أَكْثَرُ تَصْحِيحًا لِلشُّرُوطِ، فَلَيْسَ فِي الْفُقَهَاءِ الْأرْبَعَةِ أكْثَرُ تَصْحِيحًا لِلشُّرُوطِ مِنْهُ.

وَجِمَاعُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمِلْكَ يُسْتَفَادُ بِهِ تَصَرفَاتٌ مُتَنَوِّعَةٌ، فَكَمَا جَازَ بِالْإجْمَاعِ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَجَوَّزَ أَحْمَد وَغَيْر اسْتِثْنَاءَ بَعْضِ مَنَافِعِهِ جَوَّزَ أَيْضًا اسْتِثْنَاءَ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ.

وَعَلَى هَذَا فَمَن قَالَ: هَذَا الشَّرْطُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، قِيلَ لَهُ: أَيُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ، أَو مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>