للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فِي الْمُعَاوَضَةِ نَوْعَانِ ذَكَرَهُمَا اللهُ فِي كِتَابِهِ هُمَا: الرِّبَا وَالْمَيْسِرُ.

ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَّلَ مَا جَمَعَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ، فَنَهَى -صلى الله عليه وسلم- عَن بَيْعِ الْغَرَرِ، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرهُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، وَالْغَرَرُ: هُوَ الْمَجْهُولُ الْعَاقِبَةِ، فَإِنَّ بَيْعَهُ مِن الْمَيْسِرِ الَّذِي هُوَ الْقِمَارُ.

وَأَمَّا الرِّبَا: فَتَحْرِيمُهُ فِي الْقُرْآنِ أَشَدُّ .. وَذَكَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْكَبَائِرِ.

وَذَلِكَ: أَنَّ الرِّبَا أَصْلُهُ إنَّمَا يَتَعَامَلُ بِهِ الْمُحْتَاجُ، وَإِلَّا فَالْمُوسِرُ لَا يَأْخُذُ أَلْفًا حَالَّةً بِأَلْف وَمِائَتَيْنِ مُؤَجَّلَةٍ إذَا لَمْ يَكُن لَهُ حَاجَةٌ لِتِلْكَ الْأَلْفِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْمَالَ بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةً إلَى أَجَل مَن هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَتَقَعُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ ظُلْمًا لِلْمُحْتَاجِ بِخِلَافِ الْمَيْسِرِ، فَإِنَّ الْمَظْلُومَ فِيهِ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ وَلَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْعَقْدِ.

ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- حَرَّمَ أَشْيَاءَ مِمَّا يَخْفَى فِيهَا الْفَسَادُ لِإِفْضَائِهَا إلَى الْفَسَادِ الْمُحَقَّقِ - كَمَا حَرَّمَ قَلِيلَ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى كَثِيرِهَا - مِثْلُ رِبَا الْفَضْلِ؛ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ قَد تَخْفَى؛ إذِ الْعَاقِلُ لَا يَبِيعُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ إلَّا لِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ.

وَأَمَّا الْغَرَرُ: فَإِنَّهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

أ- إمَّا الْمَعْدُومُ كَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَبَيْعِ السَّنِينَ.

ب - وَإِمَّا الْمَعْجُوزُ عَن تَسْلِيجهِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ.

ج- وَإِمَّا الْمَجْهُولُ الْمُطْلَقُ، أَو الْمُعَيَّنُ الْمَجْهُولُ جِنْسُهُ أَو قَدْرُهُ؛ كَقَوْلِهِ: بِعْتُك عَبْدًا، أَو بِعْتُك مَا فِي بَيْتِي، أَو بِعْتُك عَبِيدِي.

وَمَفْسَدَةُ الْغَرَرِ أَقَلُّ مِن الرِّبَا؛ فَلِذَلِكَ رُخِّصَ فِيمَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْهُ؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ أَشَدُّ ضَرَرًا مِن ضَرَرِ كَوْنِهِ غَرَرًا؛ مِثْل بَيْعِ الْعَقَارِ جُمْلَةً وإِن لَمْ يُعْلَمْ دَوَاخِلُ الْحِيطَانِ وَالْأَسَاس.

وَمِثْل بَيْعِ الْحَيَوَانِ الْحَامِلِ أَو الْمُرْضِعِ وَإِن لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ الْحَمْلِ أَو

<<  <  ج: ص:  >  >>