للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إحْدَاهُمَا: أَنْ يَضْمَنَ الْبُسْتَانَ ضَمَانًا، بِحَيْثُ يَكُونُ الضَّامِنُ هُوَ الَّذِي يَزْرَعُ أَرْضَهُ وَيَسْقِي شَجَرَهُ كَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ.

وَالْأُخْرَى: إِنَّمَا يَكُونُ اشْتَرَى مُجَرَّدَ الثَّمَرَةِ؛ بِحَيْثُ يَكونُ مُؤْنَةُ السَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي، وَالْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَرَةُ وَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ.

فَأَمَّا الصُّورَةُ الْأَوْلَى: فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي النَّهْيِ عَن بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ كَثِيرَةً أَو قَلِيلَةً.

الثَّالِث: جَوَازُ ذَلِكَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَت الْأَرْضُ أَقَلَّ أَو أَكْثَرَ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْهُم ابْنُ عَقِيلٍ مِن أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَن الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ قَد رَوَى حَرْبٌ الكرماني وَأَبُو زُرْعَة الدِّمَشْقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَبَّلَ (١) حَدِيقَةَ أسيد بْنَ حضير - لَمَّا مَاتَ - ثَلَاثَ سِنِينَ وَتَسَلَّفَ الْقَبَالَةَ وَوَفَّى بِهَا دَيْنًا كَانَ عَلَى أسيد.

وَمِثْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَشِرَ وَلَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ (٢).

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي [اشترى] (٣) مُجَرَّدَ الثَّمَرَةِ فَقَطْ، وَمُؤْنَةُ السَّقْيِ عَلَى الْبَائِعِ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ مُشْتَمِلًا عَلَى أَنْوَاع فَفِيهَا أَيْضًا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا -وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ-: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ إذَا


(١) أي: أجّر.
(٢) وقد تكلم عن هذه المسألة وأطال فيها في المجلد الثلاثين (ص ٢٢٠ - ٢٤٠).
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل ولا في جميع الطبعات، والسياق يقتضيه، وبعد البحث وجدته كذلك في مختصر الفتاوى المصرية والحمد لله. (٣٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>