نفسه في المبيت ثابت ظاهرًا وباطنًا، بخلاف حبسها له فإنه بتقدير إعساره لا يكون حبسه مستحقًّا في نفس الأمر؛ إذ حبس العاجز لا يجوز، لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠]، ولأن حبسها له عقوبة حتى يؤدي الواجب عليه، وحبسه لها حق يثبت له بموجب العقد وليس بعقوبة؛ بل حقه عليها كحق المالك على المملوك؛ ولهذا كان النكاح بمنزلة الرق والأسر للمرأة، قال عمر -رضي الله عنه-: النكاح رق، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته، وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}[يوسف: ٢٥]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم "(١) والعاني الأسير.
وإذا كان كذلك: ظهر أن ما يستحقه عليها من الحبس أعظم مما تستحقه عليه؛ إذ غاية الغريم أن يكون كالأسير.
والحبس الذي يصلح لتوفية الحق مثل المالك لأَمَته، بخلاف الحبس إلى أن يستوفى الحق فإنه من جنس حبس الحر للحر، ولهذا لا يملك الغريم منع المحبوس من تصرف يوفي به الحق، ولا يمنعه من حوائجه إذا احتاج الخروج من الحبس مع ملازمته له.
وليس على المحبوس أن يقبل ما يبذله له الغريم مما عليه مِنَّةٌ فيه.
ويملك الرجل منع امرأته من الخروج مطلقًا إذا قام بما لها عليه، وليس لها أن تمتنع من قبول ذلك.
فإن قيل: فهذا يفضي إلى أن يمطلها ولا يوفي.
فالجواب: أن تعويقه عن التصرف هو الحبس، وهو كاف في المقصود إذا لم يظهر امتناعه عن أداء الواجبات، فإن ظهر أنه قادر وامتنع ظلمًا عوقب باعظم من الحبس بضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي، كما نص على ذلك