فَأَجَابَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِمِثْل هَذَا الْغَبْنِ، وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ الْمُفَرِّطَ مَا فَوَّتَه عَلَيْهِ.
وَأَمَّا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ: فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ: إجَارَةٌ بَاطِلَةٌ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
لَكِنْ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مَغْرُورًا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْوَكِيلِ مِثْل أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ مَالِكٌ عَالِمٌ بِالْقِيمَةِ: فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَن غَرَّهُ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ.
وَزَرْعُهُ (١) زَرْعٌ مُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ مَجَّانًا؛ بَل يُنزلُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ.
وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحَالِ فَأَنْكَرَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. [٣٠/ ٦٨ - ٦٩]
٣٧٧٨ - وَسُئِلَ رحمه الله: عَن رَجُلٍ وَكَّلَ غُلَامَهُ فِي إيجَارِ حَانُوتٍ لِشَخْص، ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأجِرَ أَجَّرَهُ لِشَخْص، فَهَل لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبَلَ الزِّيَادَةَ فِي أُجْرَةِ الْحَانُوتِ؛ وَهَل لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي؟
فَأجَابَ: لَيْسَ لِلْمُوَكَّلِ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ- أَنْ يُؤَجِّرَ الْحَانُوتَ لِأَحَد، لَا بِزِيَادَة وَلَا غَيْرِ زِيادَةٍ، وَلَا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْمُوَكّلِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي، وَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ غَصْبًا فَلَهُ اسْتِرْجَاعُ ذَلِكَ مِنْهُ.
وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إنْكَارِ الْوَكَالَةِ مَعَ كَوْنِهِ يَتَصَرَّفُ لَهُ تَصَرُّفَ الْوُكَلَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ، وَكَوْنِهِ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ بَيْنَ النَّاسِ، حَتَّى لَو قُدّرَ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ- وَالْحَالَةُ هَذه- فَتَفْرِيطُهُ وَتَسْلِيطُهُ عُدْوَانٌ مِنْهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ.
وَالْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَكْرَهَ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ بَاطِلَةٌ. [٣٠/ ٦٩ - ٧٠]
(١) الذي زرعه في هذه الأرض.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute