وَإِن لَمْ يُقَدِّر الْجُعلَ -وَقَد عَلِمَ أَنَّهُم يَعْمَلُونَ بِالْجُعلِ: مِثْل حَمَّالِينَ يَحْمِلُونَ مَالَ تَاجِرٍ مُتَعَاوِنينَ عَلَى ذَلِكَ- فَهُم يَسْتَحِقُّونَ جُعْلَ مِثْلِهِمْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ الطَّبَّاخُ الَّذِي يَطْبُخُ بِالْأجْرَةِ، وَالْخَبَّازُ الَّذِي يَخْبِزُ بِالْأجْرَةِ، وَالنَّسَّاجُ الَّذِي يَنْسِجُ بِالْأُجْرَةِ، وَالْقَصَّارُ الَّذِي يُقَصِّرُ بِالْأجْرَةِ، وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ وَالسَّفِينَةِ، وَالْعُرْفُ الَّذِي جَرَتْ عَادَتُهُ بِأنْ يُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ بِالأَجْرِ.
فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ عِوَضَ الْمِثْل عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَ جَمَاعَةً فِي أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَيكْتموا خُطُوطَهُم بِالشَّهَادَةِ يَسْتَحِقونَ الْجُعْلَ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُم شَرِكَةٌ، فَأَمَّا إذَا اشْتَرَكُوا فِيمَا يَكْتَسِبُونَهُ بِالشَّهَادَةِ فَهُوَ كَاشْتِرَاكِهِمْ فِيمَا يَكْتَسِبُونَهُ بِسَائِرِ الْجَعَالَاتِ وَالْإِجَارَاتِ. [٣٠/ ٧٣ - ٧٧]
٣٧٩٧ - إذَا اشْتَرَكُوا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُم يَعْمَلُ بِبَدَنِهِ كَالْمُضَارِبِ، وَبَعْضَهُم بِمَالِهِ أَو بِمَالِهِ وَبَدَنِهِ وَتَلِفَ الْمَالُ أو بَعْضُهُ مِن غَيْرِ عُدْوَانٍ وَلَا تَفْرِيطِ مِن الْعَامِلِ بِبَدَنِهِ: لَمْ يَكن عَلَيْهِ ضَمَانُ شَيْءٍ مِن الْمَالِ، سَوَاءٌ كَانَت الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَو فَاسِدَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. [٣٠/ ٨٢]
٣٧٩٨ - وَسُئِلَ رحمه الله: عَن اثْنَيْنِ اشْتَرَكَا: مِن أَحَدِهِمَا دَابَّة وَمِن الْآخَرِ دَرَاهِم، جَعَلَا ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَسَمَ اللهُ تَعَالَى مِن رِبْحٍ كَانَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَبِحَا، فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَابَ: يُنْظَرُ قِيمَة الْبَهِيمَةِ، فَتَكُونُ هِيَ وَالدَّرَاهِمُ رَأسَ الْمَالِ، وَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ الشَّرِكَةَ وَالْقِسْمَةَ تَصحُّ بِالْأَقْوَالِ، لَا تَفْتَقِرُ إلَى خَلْطِ الْمَالَيْنِ وَلَا إلَى تَمْيِيزِهِمَا، وَيثْبُتُ الْمِلْكُ مُشْتَرَكَا بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ، كَمَا يَتَمَيَّزُ بِعَقْدِ الْقِسْمَةِ وَالْمُحَاسَبَةِ، فَمَا رَبِحَا كَانَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا تَقَاسَمَا بِيعَت الدَّاَّبةُ وَاقْتَسَمَا ثَمَنَهَا مَعَ جُمْلَةِ الْمَالِ. [٣٠/ ٩١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute