وَأَمَّا إذَا نَقَصَت الْمَنْفَعَةُ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِن الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَت الْمَنْفَعَةُ، نَصَّ عَلَى هَذَا أحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ.
فَيُقَالُ: كَمْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مَعَ حُصُولِ الْمَاءِ الْمُعْتَادِ؟ فَيُقَالُ: أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَيُقَالُ: كَمْ أُجْرَتُهَا مَعَ نَقْصِ الْمَطَرِ هَذَا النَّقْصُ؟ فَيُقَالُ: خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَيَحُطُّ عَن الْمُسْتَأْجِرِ نِصْفَ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ، فَإِنَّهُ تَلِفَ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِالْعَقْدِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِن اسْتِيفَائِهَا، فَهُوَ كَمَا لَو تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيع قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِن قَبْضِهِ.
وَكَذَلِكَ لَو أَصَابَ الْأَرْضَ جَرَادٌ أَو نَارٌ أَو جَائِحَةٌ أَتْلَفَ بَعْضَ الزَّرْعِ: فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِن الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِن الْمَنْفَعَةِ.
وَأَمَّا مَا تَلِفَ مِن الزَّرْعِ فَهُوَ مِن ضَمَانِ مَالِكِهِ، لَا يَضْمَنُهُ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (١).
وَقَد اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَو نَقَصَت الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالْعَقْدِ: كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، كَمَا لَو اسْتَأْجَرَ طَاحُونًا أَو حَمَّامًا أَو بُسْتَانًا لَهُ مَاءٌ مَعْلُومٌ، فَنَقَصَ ذَلِكَ الْمَاءُ نَقْصًا فَاحِشًا عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
بِخِلَافِ الْجَائِحَةِ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ فَإِنَّ فِيهَا نِزَاعًا مَشْهُورًا، فَلَو اشْتَرَى ثَمَرًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ كَانَ مِن ضَمَانِ الْبَائِعِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد.
وَأَمَّا ضَمَانُ الْبَسَاتِينِ عَامًا أَو أَعْوَامًا لِيَسْتَغِلَّهَا الضَّامِنُ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ كَالْإِجَارَةِ: فَفِيهَا نِزَاعٌ.
وَكَذَلِكَ إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي جِنْسٍ مِن الثَّمَرِ كَالتُّوتِ فَهَل يُبَاعُ جَمِيعُ الْبُسْتَانِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ.
(١) فالمَنْفَعةُ مَضْمُونةٌ على المُؤَجِّرِ حتَّى تَنْقَضيَ المُدَّةُ، بخلافِ الزَّرْعِ نَفْسهِ، فإِنَّهُ ليْس مَضْمُونًا عليْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute