للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والقيسارية (١) وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَنَقَصَت الْمَنْفَعَةُ الْمَعْرُوفَةُ؛ مِثْل أَنْ يَنْتَقِلَ جِيرَانُ الْمَكَانِ، وَيَقِلَّ الزَّبُونُ لِخَوْفٍ أَو خَرَابٍ أَو تَحْوِيلِ ذِي سُلْطَانٍ لَهُم وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَإِنَّهُ يُحَطُّ مِن الْمُسْتَأْجِرِ مِن الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِن الْمَنْفَعَةِ الْمَعْرُوفَةِ. [٣٠/ ٣١١]

٣٨٨٩ - إنَّ الْإِجَارَةَ الْجَائِزَةَ إذَا تَلِفَتْ فِيهَا الْمَنْفَعَةُ سَقَطَت الْأُجْرَةُ الَّتِي تُقَابِلُهَا، وَكَذَلِكَ لَو نَقَصَتْ -عَلَى الصَّحِيحِ- فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِن الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِن الْمَنْفَعَةِ، فَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيح" أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَقَالَ: "إذَا بِعْت مِن أَخِيك بَيْعًا فَأَصَابَتْهُ جائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِن مَالِ أَخِيك شَيْئًا، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ " (٢).

وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ قُبِضَتْ وَلَمْ تُقْبَضْ قَبْضًا تَامًّا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْقَابِضُ مِن جِذَاذِهَا، كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا قَبَضَ الْعَيْنَ لَمْ يَحْصُل الْقَبْضُ التَّامُّ الَّذِي يَتَمَكَّنُ بِهِ مِن اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا تَلِفَت الْمَنْفَعَةُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِن اسْتِيفَائِهَا سَقَطَت الْأُجْرَةُ، فَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَت الثَّمَرَةُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِن الْجِذَاذِ سَقَطَ الثَّمَنُ.

فَهُنَا الْمُسْتَأْجِرُ لِلْبُسْتَانِ إذَا قُدّرَ أَنَّه حَصَلَتْ آفَةٌ مَنَعَت الْأَرْضَ عَن الْمَنْفَعَةِ الْمُعْتَادَةِ، كَمَا لَو نَقَصَ مَاءُ الْمَطَرِ وَالْأَنْهَارِ حَتَّى نَقَصَت الْمَنْفَعَةُ عَن الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى عَلَى الَّذِي يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، فَإِذَا خَرَجَ عَن هَذِهِ الْحَالِ: كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إمَّا الْفَسْخُ وَإِمَّا الْأَرْشُ، وَلَيْسَ مِن بَابِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي الْمُمْتَنِعِ، كَمَا فِي الثَّمَرِ الْمُشْتَرَى؛ بَل هُوَ مِن بَابِ تَلَفِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ أَو فَوَاتِهَا.

وَهُنَا الْمُسْتَأْجِرُ لِلْبُسْتَانِ كَالْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَرْضِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ. [٣٠/ ٢٣٣ - ٢٣٦]

٣٨٩٠ - جوَّز شيخنا إجارة الشجر مطلقًا ويقوم عليها المستأجر كأرض الزرع.


(١) هي الثكنة؛ أي: بناءٌ لسكن الجنود.
(٢) رواه مسلم (١٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>