للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَغْصُوبَ أَو نَظِيرَهُ مِن مَالِ الْغَاصِبِ، وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ دَيْنٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهُوَ يَمْطُلُهُ، فَأَخَذَ مِن مَالِهِ بِقَدْرِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا؛ مِثْل أَنْ يَكُونَ قَد جَحَدَ دَيْنَهُ، أَو جَحَدَ الْغَصْبَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي، فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد.

وَالثَّانِي: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَالْمُجَوِّزُونَ يَقُولُونَ: إذَا امْتَنَعَ مِن أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ: ثَبَتَت الْمُعَاوَضَةُ بِدُونِ إذْنِهِ لِلْحَاجَةِ.

لَكِنْ مَن مَنَعَ الْأَخْذَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي السُّنَنِ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَن ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَن خَانَك" (١).

وَفِي "الْمُسْنَدِ" عَن بَشِيرِ بْنِ الخصاصية أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لَا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلَا فَادَّةً إلَّا أَخَذُوهَا، فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُم عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ؟

قَالَ: "لَا، أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَن ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَن خَانَك".

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ: أَنَّ حَقَّ الْمَظْلُومِ فِي نَفْسِ الْأمْرِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ لَيْسَ ظَاهِرًا، وأَخَذَهُ (٢) خِيَانَةً: لَمْ يَكُن لَهُ ذَلِكَ.

وَإِن كَانَ هُوَ يَقْصِدُ أَخْذَ نَظِيرِ حَقِّهِ، لَكِنَّهُ خَانَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ فَأَخَذَ بَعْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ ظَاهِرًا كَانَ خَائِنًا.


(١) رواه أبو داود (٣٥٣٤)، والترمذي (١٢٦٤)، والدارمي (٢٦٣٩)، وأحمد (١٥٤٢٤). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(٢) في الأصل: (أخذه)، بدون واو، والمعنى لا يستقيم إلا بها، وقد نبّه على ذلك: منسق الكتاب للموسوعة الشاملة أسامة بن الزهراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>