للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا صَارَ فِي مَدِينَةٍ مِن مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُم الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ، ويُوَالِيَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُعَادِيَهُمْ (١).

وَإِن رَأى بَعْضَهُم ضَالًّا أَو غَاوِيًا وَأَمْكَنَ أَنْ يَهْدِيَهُ ويُرْشِدَهُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.

وَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُوَلّيَ فِي إمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْأَفْضَلَ وَلَّاهُ، وَإِن قَدَرَ أَنْ يَمْنَعَ مَن يُظْهِرُ الْبِدَع وَالْفُجُورَ مَنَعَهُ.

وَإِن لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ فَالصَّلَاةُ خَلْفَ الْأَعْلَمِ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْأسْبَقِ إلَى طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ أَفْضَلُ.

وَإِن كَانَ فِي هَجْرِهِ لِمُظْهِرِ الْبِدْعَةِ وَالْفُجُورِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ: هَجَرَهُ؛ كَمَا هَجَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ (٢).

وَأَمَّا إذَا وُلِّي غَيْرُهُ (٣) بِغَيْرِ إذْنِهِ (٤) وَلَيْسَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ: كَانَ تَفْوِيتُ هَذِهِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ جَهْلًا وَضَلَالًا، وَكَانَ قَد رَدَّ بِدْعَةً بِبِدْعَة.

حَتَّى إنَّ الْمُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْفَاجِرِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إعَادَتِهِ الصَّلَاةَ، وَكَرِهَهَا أَكْثَرُهُمْ، حَتَّى قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةِ عبدوس: مَن أَعَادَهَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.

وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يُعِيدُونَ الصَّلَاةَ إذَا صَلَّوْا خَلْفَ أَهْلِ الْفُجُورِ وَالْبِدَعِ، وَلَمْ يَأْمُر اللهُ تَعَالَى قَطُّ أحَدًا إذَا صَلَّى كَمَا أُمِرَ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.


(١) وهذا بخلاف فعل الخوارج قديمًا وحديثًا، فهم يفارقون جماعة المسلمين ولا يوالون موالاة المحبة والأخوة والنصرة إلا من سار على نهجهم وطريقتهم؛ ولذا حصل منهم أذية ومخازي بالمؤمنين، والله المستعان.
(٢) رواه البخاري (٤٤١٨)، ومسلم (٢٧٦٩).
(٣) أي: غير الْأَعْلَم بِكِتَاب اللهِ وَسُنَّةِ نَبيِّهِ.
(٤) أي: بغير إذن اَلمصلي، حيث ولّى الحاكم إمامًا بغير إذن جماعة المسجد كلهم أو أكثرهم وهو ممن لم يخترْه.

<<  <  ج: ص:  >  >>