للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْإِمْضَاءُ الْمَقْرُونُ بِالْفَسْخِ يُقْصَدُ بِهِ تَرْكُ الْفَسْخِ؛ أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَهُ وَأَنْ لَا يَفْسَخَهُ.

وَلَكِنْ إذَا سَقَطَ خِيَارُهُ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْآخَرِ.

وَلَكِنَّ الْمَعْنَى الْمَعْرُوفَ فِي مِثْل هَذِهِ الْعِبَارَةِ: أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَهُ وَأَنْ لَا يَفْسَخَهُ، وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْهُ فَقَد أَمْضَاهُ. [٢٩/ ٣٥٧ - ٣٥٨]

٤٠٣١ - إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْتَرْسِلًا -وَهُوَ الْجَاهِلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ- لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَغْبِنَهُ غَبْنًا يَخْرُجُ عَن الْعَادَةِ؛ بَل عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ بِالْقِيمَةِ الْمُعْتَادَةِ أَو قَرِيبٍ مِنْهَا.

فَإِنْ غَبَنَهُ غَبْنًا فَاحِشًا: فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ (١).

وَثَبَتَ فِي "الصِّحَاحِ" (٢): أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَن تَلَقِّي الْجَلَبِ حَتَّى يَهْبِطَ بِهِ السُّوقَ، وَأَثْبَتَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ إذَا هَبَطَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَبْلَ أَن يَهْبِطَ السُّوقَ يَكونُ جَاهِلًا بِقِيمَةِ السِّلَعِ، فَنَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَن أَنْ يَخْرُجَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَيَبْتَاعَ مِنْهُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن تَغْرِيرِهِ وَالتَّدْلِيسِ، وَأَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ إذَا عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.

فَهَكَذَا كُلُّ مَن كَانَ جَاهِلًا بِالْقِيمَةِ لَا يَجُوزُ تَغْرِيرُهُ وَالتَّدْلِيسُ عَلَيْهِ؛ مِثْل أَنْ يُسَامَ سَوْمًا كَثِيرًا خَارِجًا عَن الْعَادَةِ لِيَبْذُلَ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ؛ بَل يُبَاعُ الْبَيْع الْمَعْرُوف غَيْر الْمُنْكَرِ.

وَإِذَا تَابَ هَذَا الْغَابِنُ الظَّالِمُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمَظْلُومِينَ حُقُوقَهُم فَلْيَتَصَدَّقْ بِمِقْدَارِ مَا ظَلَمَهُم بِهِ وَغَبَنَهُم؛ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ مِن ذَلِكَ. [٢٩/ ٣٥٩ - ٣٦٠]

* * *


(١) وهو الذي رجحه العلَّامة ابن عثيمين كما في الشرح الممتع (٨/ ٢٩٨)، ويرى بعض العلماء أنه لا خيار له إلا إذا اشترط لنفسه وتحفَّظ.
(٢) رواه البخاري (٢١٦٦)، ومسلم (١٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>