٤١٠٥ - وسُئِلَ: عَن رَجُلٍ وَقَفَ مَدْرَسَةً، وَشَرَطَ مَن يَكُونُ لَهُ بِهَا وَظِيفَةٌ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِوَظِيفَة أُخْرَى بِغَيْرِ مَدْرَسَتِهِ، وَشَرَطَ لَهُ فِيهَا مُرَتَّبًا مَعْلُومًا.
فَأَجَابَ: هَذِهِ الشُّرُوطُ الْمَشْرُوطَة عَلَى مَن فِيهَا كَعَدَمِ الْجَمْعِ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ يُفْضِ ذَلِكَ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ.
فَأَمَّا الْمحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ بِالشُّرُوطِ: فَلَا يَجُوزُ.
فَاشْتِرَاطُ عَدَمِ الْجَمْعِ بَاطِلٌ مَعَ ذَهَابِ بَعْضِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَعَدَمِ حُصُولِ الْكِفَايَةِ لِلْمُرَتَّبِ بِهَا: لَا يَجِبُ الْتِزَامُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِلْزَامُ بِهِ.
حَتَّى لَو قُدِّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَانَ شَرْطًا بَاطِلًا، مِثْل أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْمُرَتَّبَ بِهَا لَا يَرْتَزِقُ مِن غَيْرِهَا وَلَو لَمْ تَحْصُلْ لَهُ كِفَايَتُهُ، فَلَو صَرَّحَ بِهَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُخَالِفُ كِتَابَ اللهِ، فَإِنَّ حُصُولَ الْكِفَايَةِ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَتَحْصِيلُهَا لِلْمُسْلِمِ وَاجِبٌ إمَّا عَلَيْهِ وَإِمَّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَصِحُّ شَرْطٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ. [٣١/ ١٦ - ١٧]
٤١٠٦ - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللهُ: عَن رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَسْجِدٍ، وَأَكْفَانِ الْمَوْتَى، وَشَرَطَ فِيهِ الْأَرْشَدَ فَالْأَرْشَدَ مِن وَرَثَتِهِ، ثُمَّ لِلْحَاكِمِ، وَشَرَطَ لِإِمَامِ الْمَسْجِدِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَالْمُؤَذِّنِ وَالْقَيِّمِ بِالتُّرْبَةِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَشَرَطَ لَهُمَا دَارينِ لِسُكْنَاهُمَا، ثُمَّ إنَّ رَيعَ الْوَقْفِ زَادَ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ، بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ الْأَكْفَانُ إلَى زَيادَةٍ، فَجَعَلَ لَهُمَا الْحَاكِمُ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثينَ دِرْهَمًا. فَهَل يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ: نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ مِن مِثْل هَذَا الْوَقْفِ الْفَائِضِ رِزْقَ مِثْلِهِمَا، وَإِن كَانَ زَائِدًا عَلَى ثَلَاثِينَ؛ بَل إذَا كَانَا فَقِيرَيْنِ وَلَيْسَ لِمَا زَادَ مَصْرِفٌ مَعْرُوفٌ: جَازَ أَنْ يُصْرفَ إلَيْهِمَا مِنْهُ تَمَامَ كِفَايَتِهِمَا، وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَقْدِيرَ الْوَاقِفِ دَرَاهِمَ مُقَدَّرَةً فِي وَقْفٍ مِقْدَار رَيع: قَد يُرَادُ بِهِ النِّسْبَةُ؛ مِثْل أَنْ يَشْرِطَ لَهُ عَشْرَةً، وَالْمُغَلُّ مِائَةٌ، وَيُرَادُ بِهِ الْعُشْرُ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ هَذَا عُمِلَ بِهِ.
وَمِن الْمَعْلُومِ فِي الْعُرْفِ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ مُغَلُّهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ لَهُ سِتَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute