وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لِكِلَا الْمَعْنييْنِ صَلَاحًا قَوِيًّا، لَكنْ قَد يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِأَسْبَاب أُخْرَى، كَمَا رَجَّحَ الْجُمْهُورُ تَرْتِيبَ الْكُلِّ عَلَى الْكُلِّ فِي قَوْلِهِ: وَقَفْت عَلَى زيدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَسَاكِينِ وَبَيْنَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةِ مُسَاوَاةٌ فِي الْعَدَدِ حَتَّى يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مُرَتَّبًا عَلَى الْآخَرِ، وَلَا مُنَاسَبَة تَقْتَضِي أَنْ يُعَيِّنَ لِزَيْدِ هَذَا الْمِسْكِينَ وَلعَمْرِو هَذَا وَلبَكرِ هَذَا.
وَكَمَا يَتَرَجَّحُ الْمَعْنَى الثَّانِي فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] إلَى آخِرِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَن الْمُخَاطَبِينَ جَمِيعَ أُمَّهَاتِ الْمُخَاطبينَ وَبَنَاتَهمْ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أُمَّهُ وَبِنْتَه.
ثُمَّ الَّذِي يُوَضِّحُ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَوِيٌّ فِي الْوَقْفِ: أَنَّ أَكْثَرَ الْوَاقِفِينَ يَنْقُلُونَ نَصِيبَ كُلِّ وَالِدٍ إلَى وَلَدِهِ، لَا يُؤَخِّرُونَ الِانْتِقَالَ إلَى انْقِضَاءِ الطَّبَقَةِ، وَالْكَثْرَةُ دَلِيلُ الْقُوَّةِ؛ بَل وَالرُّجْحَانِ.
وَأَيْضَا: فَإِنَّ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِيرَاثِ هُنَا شَبَهٌ مِن جِهَةِ أنَّ الِانْتِقَالَ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوَلَدِ فِيهِمَا. [٣١/ ١٠٠ - ١٣٠]
٤١٣٠ - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللهُ: عَن وَقْفٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ: عَمْرٍو وَيَاقُوتَةَ وَجَهْمَةَ وَعَائِشَةَ، يَجْرِي عَلَيْهِم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَمَن تُوُفِّيَ مِنْهُم عَن وَلَدٍ أَو وَلَدِ وَلَدٍ أَو عَن نَسْلٍ وَعَقِبٍ وَإِن سَفَلَ: عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ ثُمَّ مِن بَعْدِهِ وَإِن سَفَلَ بَيْنَهُم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَمَن تُوُفِّيَ مِنْهُم عَن غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ وَقْفًا عَلَى إخْوَتِهِ الْبَاقِينَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِم بَيْنَهُم لِلذِّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُمَا.
فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لِهَؤُلَاءِ الْإِخْوَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِم نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ أَو تُوُفُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute