قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ: أَصَحُّهمَا: أَنَّهَا تَرِثُ أَيْضًا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَد رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ وَلأنَّ هَذِهِ إنَّمَا وَرِثَتْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِالتَّرِكَةِ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ؛ بِحَيْثُ لَا يْملكُ التَّبَرُّعَ لِوَارِثٍ، وَلَا يملكُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِزِيَادَة عَلَى الثُّلُثِ، كَمَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ.
فَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالنّسْبَةِ إلَى الْوَرَثَةِ كَتَصَرُّفِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَمْلِأ قَطْعَ إرْثهَا: فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ مَرَضِهِ، وَهَذَا هُوَ طَلَافُ الْفَارِّ الْمَشْهُورُ بِهَذَا الِاسْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي أُفْتِي بِهِ. [٣١/ ٣٦٨ - ٣٦٩]
٤٢٤٣ - الْجُمْهُورُ قَالُوا: إنَّ الْمَريضَ مَرَضَ الْمَوْتِ قَد تَعَلَقَ الْوَرَثَةُ بِمَالِهِ مِن حِينِ الْمَرَضِ، وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالنسْبَةِ إلَيْهِمْ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِن التَبّرَّعَاتِ إلَّا مَا يَتَصَرَّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَيْسَ لَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَنْ يَحْرِمَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ مِيرَاثَهُ، وَيَخُصَّ بَعْضَهُم بِالْإِرْثِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِأجْنَبِيٍّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، كَمَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْمَرَضِ أَنْ يَقْطَعَ حَقَّهَا مِن الْإِرْثِ لَا بِطَلَاقِ وَلَا غَيْرِهِ.
وَإِن وَقْعَ الطَّلَاقُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ؛ إذ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا، وَلَا يَقْطَعَ حَقَّهَا منه.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: فَفِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ نِزَاعٌ: هَل تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ أَو عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَو أَطْوَلَهُمَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: أَنَّهَا تَعْتَدُّ أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ.
وَكَذَلِكَ هَل يَكْملُ لَهَا الْمَهْرُ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ يَكْملُ لَهَا الْمَهْر أَيْضًا؛ فَإِنَّهُ مِن حُقُوقِهَا الَّتِي تَسْتَقِرُّ، كَمَا تَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ. [٣١/ ٣٧٠ - ٣٧١]
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute