النَّصُّ وَالْقِيَاسُ -وَهُمَا الْكِتَاب وَالْمِيزَانُ- دَلَّا عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَدُ الْأمِّ، كَمَا هُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَمَن وَافَقَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
وَرَوَى حَرْبٌ التَّشْرِيكَ (١)، وَهُوَ قَوْلُ زيدٍ وَمَن وَافَقَهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
فَيُقَالُ: النَّصُّ وَالْقِيَاسُ دَلَّا عَلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ.
أَمَّا النَّصُّ؛ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]، وَالْمُرَادُ بِهِ: وَلَدُ الْأُمِّ، وَإِذَا أَدْخَلَنَا فِيهِمْ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ لَمْ يَشْتَرِكُوا فِي الثُّلُثِ؛ بَل زَاحَمَهُم غَيْرُهُمْ.
وَإِن قِيلَ: إنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ مِنْهُم وَأنَّهُم مِن وَلَدِ الْأمِّ فَهُوَ غَلَطٌ، واللهُ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢]، وَفِي قِرَاءَةِ سعد وَابْنِ مَسْعُودٍ (مِن الْأُمِّ) وَالْمُرَادُ بِهِ وَلَدُ الْأُمِّ بِالإجْمَاعِ.
وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَب فِي آيَةٍ فِي قَوْلِهِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] فَجَعَلَ لَهَا النِّصْفَ وَلَهُ جَمِيعَ الْمَالِ، وَهَكَذَا حُكْمُ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] وَهَذَا حُكْمُ وَلَدِ الأبَوَيْنِ لَا الْأُمِّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
فَدَلَّ ذِكْرُهُ تَعَالَى لِهَذَا الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي تِلْكَ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ غَيْرُ الْآخَرِ.
(١) أي: التشريك بين أولاد الأم والأخوة الأشقاء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute