وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، وَبَدَّلُوا الدِّينَ، وَغَيَّرُوا الشَّرِيعَةَ، وَظَلَمُوا وَاعْتَدَوْا؛ بَل كَفَرُوا إلَّا نَفَرًا قَلِيلًا، بِضْعَةَ عَشَر أَو أَكْثَرَ، ثُمَّ يَقُولُونَ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَنَحْوَهُمَا مَا زَالَا مُنَافِقَيْنِ، وَقَد يَقُولُونَ: بَل آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا.
وَأَكْثَرُهُم يُكَفِّرُ مَن خَالَفَ قَوْلَهُمْ، ويُسَمُّونَ أَنْفُسَهُم الْمُؤْمِنِينَ، وَمَن خَالَفَفم كُفَّارًا.
وَيَجْعَلُونَ مَدَائِنَ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ فِيهَا أَقْوَالُهُم دَارَ رِدَّةٍ، أَسْوَأَ حَالًا، مِن مَدَائِنِ الْمُشْرِكِينَ وَالنَّصَارَى.
وَلهَذَا يُوَالُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى بَعْضِ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى مُعَادَاتِهِمْ وَمُحَارَبَتِهِمْ؛ كَمَا عُرِفَ مِن مُوَالَاتِهِم الْكُفَّارَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِن مُوَالَاتِهِم الْإِفْرِنْجَ النَّصَارَى عَلَى جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِن مُوَالَاتِهِم الْيَهُودَ عَلَى جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْهُم ظَهَرَتْ أُمَّهَاتُ الزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ؛ كَزَنْدَقَةِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ.
وَلَا ريْبَ أَنَّهُم أَبْعَدُ طَوَائِفِ الْمُبْتَدِعَةِ عَن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَلهَذَا كَانُوا هُم الْمَشْهُورِينَ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْمُخَالَفَةِ لِلسُّنَّةِ، فَجُمْهُورُ الْعَامَّةِ لَا تَعْرِفُ ضِدَّ السُّنِّيِّ إلَّا الرَّافِضِيَّ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُم: أَنَا سُنِّيٌّ، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَسْت رافضيًّا.
وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ الْمَحْضَةُ فَهُم خَيْرٌ مِن هَؤُلَاءِ بِكَثِير، وَأَقْرَبُ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وَغَيْرَهُم مِن الْقَدَرِيَّةِ هُم جهمية أَيْضًا.
وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ فَلَيْسُوا مِن هَذ الْبِدَعِ الْمُغَلَّظَةِ؛ بَل قَد دَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ طَوَائِفُ مِن أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِبَادَةِ، وَمَا كَانُوا يُعَدّونَ إلَّا مِن أَهْلِ السُّنَّةِ، حَتَّى تغلظ أَمْرُهُم بِمَا زَادُوهُ مِن الْأَقْوَالِ الْمُغَلَّظَةِ. [٣/ ٣٤٥ - ٣٥٧]
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute