للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَقْتَضِي مِلْكًا لِلْمَهْرِ الَّذِي هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَمِلكَهَا لِلِاسْتِمْتَاعِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ لَو كَانَ مَجْبُوبًا أَو عِنِّينًا ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ الْمَشَاهِيرِ.

وَلَو آلَى مِنْهَا: ثَبَتَ لَهَا فِرَاقُهُ إذَا لَمْ يَفِئْ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ.

وَإِن كَانَ مِن الْفُقَهَاءِ مَن لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءَ وَقَسمَ الاِبْتِدَاء؛ بَل يَكْتَفِي بِالْبَاعِثِ الطَّبِيعِيِّ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَن أَحْمَد؛ فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِن وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَآثَارُ الصَّحَابَةِ وَالاِعْتِبَارُ.

وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِ أَحْمَد وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ: أَنَّ مَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِن الزَّوْجَيْنِ عَلَى الآخَرِ كَالنَّفَقَةِ وَالاِسْتِمْتَاعِ وَالْمَبِيتِ لِلْمَرْأَةِ وكالاستمتاع لِلزَّوْجِ: لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ؛ بَل الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فِي مِثْل قَوْله تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨]، وَالسُّنَةِ فِي مِثْل قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- لِهِنْدِ: "خُذِي مَا يَكفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوف" (١).

وَإِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِيهِ: فَرَضَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ، كَمَا فَرَضَت الصَّحَابَةُ مِقْدَارَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجِ بِمَرَّاتٍ مَعْدُودَةٍ.

وَكَذَلِكَ يُوجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: سَلَامَتَهَا مِن مَوَانِعِ الْوَطْءِ كَالرَّتقِ وَسَلَامَتَهَا مِن الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَكَذَلِكَ سَلَامَتهُمَا مِن الْعُيُوبِ الَّتِي تَمْنَعُ كَمَاله؛ كَخُرُوجِ النَّجَاسَاتِ مِنْهُ أَو مِنْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، دُونَ الْجَمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَمُوجِبُهُ: كَفَاءَةُ الرَّجُلِ أَيْضًا دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ لَو شَرَطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي الْآخَرِ صِفَةً مَقْصُودَةً كَالْمَالِ وَالْجِمَالِ وَالْبَكَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: صَحَّ ذَلِكَ، وَمَلَكَ الْمُشْتَرِطُ الْفَسْخَ عِنْدَ فَوَاتِهِ فِي أَصَحِّ الرّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد، وَأَصَحّ وَجْهَي الشَّافِعِيّ وَظَاهِر مَذْهَبِ مَالِكٍ.


(١) رواه البخاري (٥٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>