للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِن عَرَفَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَشَرَطَهُ: فَهُوَ كَشَرْطِ أَهْلِ بَرِيرَةَ: شَرْطُهُ بَاطِل وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ.

وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْعُقُودِ (١).

فمِن الْفُقَهَاءِ مَن أَبْطَلَ شُرُوطًا كَثِيرَةً فِي النِّكَاحِ بِلَا حُجَّةٍ، ثُمَّ الشَّرْطُ الْبَاطِلُ فِي النِّكَاحِ قَالُوا: يَبْطُلُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِدُونهِ، وَالْمُشْتَرِطُ لِلنِّكَاح لَمْ يَرْضَ إلَّا بِهِ (٢)، وَالشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ أَوْكَدُ مِنْهَا فِي الْبَيْعِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ".

فَلَزِمَهُم مِن مُخَالَفَةِ النُّصُوصِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وَإِلْزَامُ الْخَلْقِ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْتَزِمُوهُ وَلَا أَلْزَمَهُم اللّهُ بِهِ، فَأوْجَبُوا عَلَى النَّاسِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَد يَتَوَسَّعُونَ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللّه فَيُحَرِّمُونَ عَلَى النَّاسِ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يُبِيحُونَ ذَلِكَ بِالْعُقُودِ الْمَشْرُوطَةِ فِيهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فَيُحَلِّلُونَ مَا لَمْ يُحَلِّلْهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ.

مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ شَرْطَ التَّحْلِيلِ فِي الْعَقْدِ شَرْطٌ حَرَامٌ بَاطِلٌ بِالاِتِّفَاقِ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ يُطَلّقُهَا إذَا أَحَلَّهَا، وَكَذَلِكَ شَرْطُ الطَّلَاقِ بَعْدَ أَجَلٍ مُسَمًّى (٣)، فَشَرْطُ الطَّلَاقِ فِي النّكَاحِ إذَا مَضَى الْأَجَلُ أَو بَعْدَ التَّحْلِيلِ: شَرْطٌ بَاطِلٌ بِالاِتِّفَاقِ، مَعَ الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ؛ فَإِنَّ اللّهَ لَمْ يُبع النِّكَاحَ إلَى أَجَلٍ، وَلَمْ يُبحْ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ.


(١) فلو شرط الرجل أو المرأة في النكاح شرطًا مُخالفًا للشريعة، فلا يخلو من حالتين:
الأولى: أن يكون الشارط عالمًا بالحكم: فيبطل الشرط ويصح النكاح، ولا خيار.
الثاني: أن لا يكون عالِمًا بِبُطْلَانِهِ: فلا يَكُون الْعَقْدُ لَازِمًا، بَل إنْ رَضِيَ بِدُونِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ.
(٢) فكيف يُبطلون الشرط ويُلزمونه بالنكاح، وهو لم يرض نكاحًا إلا بهذا الشرط؟
مثال ذلك: رجل فقير تزوج امرأةً غنيّةً بشرط ألا يُعطيها مهرًا، وهو لا يعلم بشرط المهر في النكاح، فوافقت على ذلك، فلما تزوجا رفعت الأمر للقاضي وقالت: لم يُعطني مهرًا، فلو ألزمه القاضي بالمهر، لدفع مهر مثلها، وهو لا يستطيع ربعه.
وهذا الرجل لو علم بوجوب المهر لَمَا تزوجَّها.
(٣) وهو نكاح المتعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>