للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَد أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ وَليَّ الْمُؤْمِنِ هُوَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَعِبَادُهُ الْمُؤْمِنِينَ (١)، وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلَّ مُؤمِنٍ مَوْصُوفٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، سَوَاءٌ كَانَ مِن أَهْلِ نِسْبَةٍ، أَو بَلْدَةٍ، أَو مَذْهَبٍ، أَو طَرِيقَةٍ، أَو لَمْ يَكُنْ.

وَكَيْفَ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمَّةِ بِأَسْمَاء مُبْتَدَعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِى كِتَاب اللهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-؟

وَهَذَا التَّفْرِيقُ الَّذِي حَصَلَ مِن الْأُمَّةِ؛ عُلَمَائِهَا وَمَشَايِخِهَا، وَأُمَرَائِهَا وَكُبَرَائِهَا: هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ تَسَلُّطَ الْأعْدَاءِ عَلَيْهَا؛ وَذَلِكَ بِتَرْكِهِم الْعَمَلَ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: ١٤].

فَمَتَى تَرَكَ النَّاسُ بَعْضَ مَا أَمَرَهُم اللهُ بِهِ: وَقَعَتْ بَيْنَهُم الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، وَإِذَا تَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَسَدُوا وَهَلَكُوا، وَإِذَا اجْتَمَعُوا صَلَحُوا وَمَلَكُوا؛ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ.

وَجِمَاعُ ذَلِكَ: فِي الْأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤].

فَمِن الْأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ: الْأَمْرُ بالائتلاف وَالِاجْتِمَاعِ، وَالنَّهْيُ عَن الِاخْتِلَافِ وَالْفُرْقَةِ.

وَمِن النَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ: إقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مَن خَرَجَ مِن شَرِيعَةِ اللهِ تَعَالَى. [٣/ ٤١٥ - ٤٢٢]

٣٣٩ - مَن نَصَّبَ شَخْصًا كَائِنًا مَن كَانَ، فَوَالَى وَعَادَى عَلَى مُوَافَقَتِهِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَهُوَ {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} الْآيَةَ [الروم: ٣٢].


(١) هكذا بالنصب في جميع المصادر، والسياق يقتضي الرفع؛ لأن (المؤمنون) صفة (وَعِبَادُهُ)، والصفة تتبع الموصوف. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>