وَإِذَا صَارَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالِدَيْ الْمُرْتَضِعِ: صَارَ كُلٌّ مِن أَوْلَادِهِمَا إخْوَةَ الْمُرْضِعِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِن الْأَبِ فَقَطْ، أَو مِن الْمَرْأَةِ، أَو مِنْهُمَا، أَو كَانُوا أَوْلَادًا لَهُمَا مِن الرَّضَاعَةِ، فَإِنَّهُم يَصِيرُونَ إخْوَةً لِهَذَا الْمُرْتَضِعِ مِن الرَّضَاعَةِ، حَتَّى لَو كَانَ لِرَجل امْرَأَتَانِ فَأَرْضَعَتْ هَذِهِ طِفْلًا وَهَذِهِ طِفْلَةً: كَانَا أَخَوَيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا التَّزَوُّجُ بِالْآخَرِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سُئِلَ عَنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اللِّقَاحُ وَاحِدٌ؛ يَعْنِي: الرَّجُلُ الَّذِي وَطِئَ الْمَرْأَتَيْنِ حَتَّى دَرَّ اللَّبَنَ وَاحِدٌ.
وَلَا فَرْقَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ أَوْلَادِ الْمَرْأَةِ الَّذِينَ رَضَعُوا مَعَ الطِّفْلِ وَبَيْنَ مَن وُلدَ لَهَا قَبْلَ الرَّضَاعَةِ وَبَعْدَ الرَّضَاعَةِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَجَمِيعُ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَقَارِبُ لِلْمُرْتَضِعِ مِن الرَّضَاعَةِ: أَوْلَادُهَا إخْوَتُهُ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهَا أَوْلَادُ إخْوَتِهِ، وَآبَاؤُهَا وَأُمَّهَاتُهَا أَجْدَادُهُ، وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ حَرَامٌ عَلَيْهِ.
وَأَقَارِبُ الرَّجُلِ أَقَارِبُهُ مِن الرَّضَاعِ: أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَأَوْلَادُهُم أَوْلَادُ إخْوَتِهِ، وَإِخْوَتُهُ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ، وَهُنَّ حَرَامٌ عَلَيْهِ.
وَأَوْلَادُ الْمُرْتَضِعِ بِمَنْزِلَتِهِ (١)، كَمَا أَنَّ أَوْلَادَ الْمَوْلُودِ بِمَنْزِلَتِهِ، فَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِ مِن النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا إخْوَتَهُ وَلَا إخْوَةَ أَبِيهِ لَا مِن نَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ؛ لِأَنَّهُم أَعْمَامُهُم وَعَمَّاتُهُم وَأَخْوَالُهُم وَخَالَاتُهُمْ.
وَأَمَّا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ مِن نَسَبٍ أَو رَضَاع غَيْرِ رَضَاعِ هَذِهِ الْمُرْضِعَةِ: فَهُم أَجَانِبُ مِنْهَا وَمِن أَقَارِبِهَا، فَيَجُوزُ لِإِخْوَةِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا أَوْلَادَ الْمُرْضِعَةِ؛ كَمَا إذَا كَانَ أَخ لِلرَّجُلِ مِن أَبِيهِ وَأُخْت مِن أُمِّهِ، وَبِالْعَكْسِ: جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَذهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ نَفْسُهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَكَذَلِكَ الْمُرْتَضِعُ هُوَ نَفْسُهُ
(١) أي: الْمُرْتَضِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute