للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يَفْتَدِي بِهِ وَلَا غَيْرِهِ؛ بَل تُقْطَعُ يَدُهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُعَظَّمَةِ وَغَيْرِهَا؛ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحَدّ مِن الْعِبَادَاتِ؛ كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ. [٢٨/ ٣٢٩]

٤٨٦٠ - يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ رَحْمَة مِن اللهِ بِعِبَادِهِ، فَيَكُونُ الْوَالِي شَدِيدًا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ، لَا تَأْخُذُهُ رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ فَيُعَطِّلُهُ، وَيَكونُ قَصْدُهُ رَحْمَةَ الْخَلْقِ بِكَفِّ النَّاسِ عَن الْمُنْكَرَاتِ، لا شْفَاء غَيْظِهِ، وَإِرَادَة الْعُلُوِّ عَلَى الْخَلْقِ؛ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ إذَا أَدَّبَ وَلَدَهُ؛ فَإِنَّهُ لَو كَفَّ عَن تَأْدِيبِ وَلَدِهِ -كَمَا تُشِيرُ بِهِ الْأُمُّ رِقَّةً وَرَأفَةً- لَفَسَدَ الْوَلَدُ، وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُهُ رَحْمَةً بِهِ وَإِصْلَاحًا لِحَالِهِ؛ مَعَ أَنَّهُ يَوَدُّ ويُؤْثِرُ أَنْ لَا يَحُوجَهُ إلَى تَأْدِيبٍ.

فَهَكَذَا شُرِّعَت الْحُدُودُ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الْوَالِي فِي إقَامَتِهَا، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ قَصْدُهُ صَلَاحَ الرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيَ عَن الْمُنْكَرَاتِ بِجَلْبِ الْمَنْفعَةِ لَهُم وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْهُم وَابْتَغَى بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى وَطَاعَةَ أَمْرِهِ: أَلَانَ اللهُ لَهُ الْقُلُوبَ، وَتَيَسَّرَتْ لَهُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ، وَكَفَاهُ الْعُقُوبَةَ الْبَشَرِيَّةَ، وَقَد يَرْضَى الْمَحْدُودُ إذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَرَضُهُ الْعُلُوَّ عَلَيْهِم وَإِقَامَةَ رَياسَتِهِ لِيُعَظِّمُوهُ أَو ليَبْذُلُوا لَهُ مَا يُرِيدُ مِن الْأمْوَالِ انْعَكَسَ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ. [٢٨/ ٣٢٩]

٤٨٦١ - قَالَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ وَلَا عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَلَا الْخَائِنِ قَطْعٌ" (١)؛ فَالْمُنْتَهِبُ الَّذِي يَنْهَبُ الشَّيْءَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَالْمُخْتَلِسُ الَّذِي يَجْتَذِبُ الشَّيْءَ فَيُعْلَمُ بِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ.

وَأَمَّا الطَّرَّارُ وَهُوَ الْبَطَّاطُ الَّذِي يَبطُّ الْجُيُوبَ وَالْمَنَادِيلَ وَالْأَكْمَامَ وَنَحْوَهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ عَلَى الصَّحِيحِ. [٢٨/ ٣٣٣]

٤٨٦٢ - الْمُحْصَنُ مَن وَطِئَ -وَهُوَ حُرُّ مُكَلَّفٌ- لِمَن تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا فِي قُبُلِهَا وَلَو مَرَّةً وَاحِدَةً.


(١) رواه الدارمي (٢٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>