الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ، أَو يُبَاشِرُ بِلَا جِمَاعٍ .. فَهَؤُلَاءِ يُعَاقَبُونَ تَعْزِيرًا وَتَنْكِيلًا وَتَأْدِيبًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْوَالِي عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي النَّاسِ وَقِلَّتِهِ، فَإِذَا كَانَ كَثيرًا زَادَ فِي الْعُقُوبَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَلِيلًا.
وَعَلَى حَسَبِ حَالِ الْمُذْنِبِ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْمُدْمِنِينَ عَلَى الْفُجُورِ زِيدَ فِي عُقُوبَتِهِ، بِخِلَافِ الْمُقِلِّ مِن ذَلِكَ.
وَعَلَى حَسَبِ كِبَرِ الذَّنْبِ وَصِغَرِهِ، فَيُعَاقِبُ مَن يَتَعَرَّضُ لِنِسَاءِ النَّاسِ وَأَوْلَادِهِمْ بِمَا لَا يُعَاقَبُ مَن لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِمَرْأَةٍ وَاحِدَةٍ أَو صَبِيٍّ وَاحِدٍ.
وَلَيْسَ لِأَقَلِّ التَّعْزِيرِ حَدٌّ؛ بَل هُوَ بِكُلِّ مَا فِيهِ إيلَامُ الْإِنْسَانِ مِن قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وَتَرْكِ قَوْلٍ وَتَرْكِ فِعْلٍ، فَقَد يُعَزَّرُ الرَّجُلُ بِوَعْظِهِ وَتَوْبِيخِهِ وَالْإِغْلَاظِ لَهُ، وَقَد يُعَزَّرُ بِهَجْرِهِ وَتَرْكِ السَّلَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتُوبَ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَصْلَحَة، كَمَا هَجَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وَقَد يُعَزَّرُ بِعَزْلِهِ عَن وِلَايَتِهِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ يُعَزِّرُونَ بِذَلِكَ.
وَأمَّا أَعْلَاهُ: فَقَد قِيلَ: "لَا يُزَاد عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ". وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ.
وَجِمَاعُ ذَلِكَ أَنَّ الْعُقُوبَةَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى ذَنْبٍ مَاضٍ جَزَاءً بِمَا كَسَبَ نَكَالًا مِنَ اللهِ؛ كَجَلْدِ الشَّارِبِ وَالْقَاذِفِ، وَقَطْعِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ.
وَالثَّانِي: الْعُقُوبَةُ لِتَأْدِيَةِ حَقٍّ وَاجِب وَتَرْكِ مُحَرَّمٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ حَتَّى يُسْلِمَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَكَمَا يُعَاقَبُ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَحُقُوق الْآدَمِيِّينَ حَتَى يُؤَدُّوهَا.
فَالتَّعْزِيرُ فِي هَذَا الضَّرْبِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَلهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُضْرَبَ مَرَّةٌ بَعْد مَرَّةٍ حَتى يُؤَدِّيَ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ، أَو يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute