للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَو عُرِفَ بِأسْبَابِ السَّرِقَةِ؛ مِثْل أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِمَارِ وَالْفَوَاحِشِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى إلَّا بالْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا لَوْثٌ فِي التُّهْمَةِ (١)؛ وَلهَذَا قَالَتْ طَائِفَةٌ مِن الْعُلَمَاءِ إنَّ مِثْل هَذَا يُمْتَحَنُ بِالضَّرْبِ يَضْرِبُهُ الْوَالِي وَالْقَاضِي .. حَتَّى يُقِرَّ بِالْمَالِ (٢).

ثُمَّ الْمُتَوَلِّي لَهُ أَنْ يَقْصِدَ بِضَرْبِهِ مَعَ تَقْرِيرِهِ: عُقُوبَتَهُ عَلَى فُجُورِهِ الْمَعْرُوفِ فَيَكُونُ تَعْزِيرًا وَتَقْرِيرًا.

وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَوَلِّي أَنْ يُرْسِلَ جَمِيعَ المتهومين (٣) حَتَّى يَأْتِيَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَن سَرَقَ (٤)؛ بَل قَد أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ فِي قِصَّةٍ كَانَت تُهْمَةً فِي سَرِقَةٍ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥)} [النساء: ١٠٥] .. إلَى آخِرِ الْآيَاتِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا يُقَالُ لَهُم بَنُو أبيرق سَرَقُوا لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ طَعَامًا وَدِرْعَيْنِ، فَجَاءَ


(١) أي: قرينةٌ وشبه دلالة، ولم تصل إلى حدِّ البينة التامة.
(٢) أو بما اتُّهم به.
(٣) التُّهْمة فُعْلة مِنَ الوَهْم وهو الظن، وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وعلماء اللغة ذكروا هذه اللفظة في باب (وهم)، لا في باب؛ (تهم)، كما فعل ذلك صاحب تاج العروس، والنهاية في غريب الحديث.
واسم المفعول: مُتّهم، ولم أجد من قال: متهوم.
وبعد البحث وجدت ما يعضد كلامي والحمد لله ربِّ العالمين، جاء في معجم الصواب اللغوي دليل المثقف العربي (٤٣٧٦): مثال: فلانٌ مَتْهومٌ في قضية كبرى.
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين.
السبب: لأن الفعل الثلاثي "تَهِم" لم يرد بهذا المعنى في المعاجم، ولا اسم المفعول منه كذلك.
الصواب والرتبة: -فلانٌ مُتَّهمٌ في قضية كبرى [فصيحة]- فلانٌ مَتْهومٌ في قضية كبرى [مقبولة].
التعليق: الموجود في المعاجم استخدام الفعل "اتّهم"، لمعنى أدخل "التُهْمة" واسم المفعول منه "مُتَّهَمٌ". ولكن يبدو أن من استخدم اسم المفعول "متهوم" قد اشتقه من الفعل (تهم) على توهم أصالة التاء.
(٤) أي: لا يحق له أن يُطلقهم حتى يأتي أصحاب الأموال بالبينة على صحة اتهامهم، وقد استدل الشيخ على كلامه بأدلة صحيحة مقنعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>