فَأَمَّا الْمَحْلُوفُ بِهِ: فَالْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ مِمَّا قَد يَلْزَمُ بِهَا حُكمٌ "سِتَّةُ أَنْوَاعٍ" لَيْسَ لَهَا سَابعٌ:
أَحَدُهَا: الْيَمِينُ بِاللهِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا فِيهِ الْتِزَامُ كُفْرٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْخَبَرِ؛ كَقَوْلِهِ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَو نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا، عَلَى مَا فِيهِ مِن الْخِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
الثانِي: الْيَمِينُ بِالنَّذْرِ الَّذِي يُسَمَّى "نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ"؛ كَقَوْلِهِ: عَلِيَّ الْحَجُّ لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَو إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ، أَو مَالِي صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَنَحْو ذَلِكَ.
الثالِثُ: الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ.
الرَّابعُ: الْيَمِينُ بِالْعِتَاقِ.
الْخَامِسُ: الْيَمِينُ بِالْحَرَامِ؛ كَقَوْلِهِ: عَلِيَّ الْحَرَامُ لَا أَفْعَلُ كَذَا.
السَّادِسُ: الظِّهَارُ؛ كَقَوْلِهِ: أَنْتَ عَلِيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ فَعَلْت كَذَا.
فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا يَحْلِفُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِمَّا فِيهِ حُكْمٌ.
فَأمَّا الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ؛ كَالْحَلِفِ بِالْكَعْبَةِ، أَو قَبْرِ الشَّيْخِ، أَو بِنِعْمَةِ السُّلْطَانِ، أَو بِجَاه أَحَدٍ مِن الْمَخْلُوقِينَ: فَمَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا لَا يُوجِبُ حِنْثًا وَلَا كَفَّارَةً.
وَهَل الْحَلِفُ بِهَا مُحَرَّمٌ أَو مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّه مُحَرَّمٌ.
وَأَمَّا أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ فَقَالُوا: أَوَّلُ مَن أَحْدَثَهَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ، وَكَانَت السُّنَّةُ أَنَّ النَّاسَ يُبَايِعُونَ الْخُلَفَاءَ كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، يَعْقِدُونَ الْبَيْعَةَ كَمَا يَعْقِدُونَ عَقْدَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهَا.
وَإمَّا أَنْ يَذْكُرُوا الشُّرُوطَ الَّتِي يُبَايِعُونَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَقُولُونَ: بَايَعْنَاك عَلَى ذَلِكَ، كَمَا بَايَعَتِ الْأَنْصَارُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ.