وَالْحَدِيثِ؛ لِكَوْنِهِ يُثْبِتُ (١) فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
وَيُعَظِّمُ السَّلَفَ وَأَئِمَّةَ الْحَدِيثِ، وَيَقُولُ إنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَد فِي مَسْأْلَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا، وَلَا ريبَ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ وَلَهُم فِي بَعْضِ ذَلِكَ.
لَكِنَّ الْأَشْعَرِيَّ وَنَحْوَهُ أَعْظَمُ مُوَافَقَة لِلْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَمَن قَبْلَهُ مِن الْأَئِمَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَالصِّفَاتِ، وَإِن كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ أَقْوَمَ مِن غَيْرِهِ، وَأَعْلَمَ بِالْحَدِيثِ، وَأَكْثَرَ تَعْظِيمًا لهُ وَلِأَهْلِهِ مَن غَيْرِهِ.
لَكِنْ قَد خَالَطَ مِن أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ مَا صَرَفَهُ عَن مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَذْهَبِهِم فِي ذَلِكَ، فَوَافَقَ هَؤُلَاءِ فِي اللَّفْظِ وَهَؤُلَاءِ فِي الْمَعْنَى.
وَبِمِثْل هَذَا صَارَ يَذُمُّهُ مَن يَذُمُّهُ مِن الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ بِاتِّبَاعِهِ لِظَاهِر لَا بَاطِنَ لَهُ، كَمَا نَفَى الْمَعَانِيَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالِاشْتِقَاقِ، وَكَمَا نَفَى خَرْقَ الْعَادَاتِ وَنَحْوَهُ مِن عِبَادَاتِ الْقُلُوبِ.
مَضْمُومًا إلَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ:
أ- الْوَقِيعَةِ فِي الْأَكَابِرِ.
ب- وَالْإِسْرَافِ فِي نَفْيِ الْمَعَانِي.
ج- وَدَعْوَى مُتَابَعَةِ الظَّوَاهِرِ.
وَإِن كَانَ لَهُ مِن الْإِيمَانِ وَالدِّينِ وَالْعُلُومِ الْوَاسِعَةِ الْكَثِيرَةِ مَا لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مُكَابِرٌ، وَيُوجَدُ فِي كُتُبِهِ مِن كَثْرَةِ الِاطِّلَاع عَلَى الْأَقْوَالِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْأَحْوَالِ، وَالتَّعْظِيمِ لِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ وَلجَانِبِ الرِّسَالَةِ مَا لَا يَجْتَمِعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ.
فَالْمَسْألَةُ الَّتِي يَكونُ فِيهَا حَدِيث يَكُونُ جَانِبُهُ فِيهَا ظَاهِرَ التَّرْجِيحِ، وَلَهُ مِن
(١) أي: يُثبت الصِّفَاتِ التي جاءت في السُّنَّة، ولا يُؤولها أو يرّدها.