الْحَالِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يُجَنُّ وَيُذْهَبُ بِهِ إلَى الْمَارَسْتَانِ وَيَحْلِقُ لِحْيَتَهُ، وَلَهُ أَشْيَاءُ مِن هَذَا النَّمَطِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا، وَإِن كَانَ مَعْذُورًا أَو مَأْجُورًا (١). [١٠/ ٥٥٦ - ٥٥٧]
٥٢٨٦ - وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: عَمَّا ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ القشيري فِي بَابِ الرضا عَن الشَّيْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: الرضا أَلَّا يَسْأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ وَلَا يَسْتَعِيذَ مِن النَّارِ، فَهَل هَذَا الْكَلَامُ صَحِيحٌ؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِن وَجْهَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: مِن جِهَةِ ثُبُوتِهِ عَن الشَّيْخِ.
وَالثَّانِي مِن جِهَةِ صِحَّتِهِ فِي نَفْسِهِ وَفَسَادِهِ.
أَمَّا "الْمَقَامُ الْأَوَّلُ" فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْأُسْتَاذَ أَبَا الْقَاسِمِ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا عَن الشَّيْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ بِإِسْنَادٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُرْسَلًا عَنْهُ.
وَمَا يَذْكُرُهُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي رِسَالَتِهِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْمَشَايِخِ وَغَيْرِهِمْ تَارَةً يَذْكُرُهُ بِإِسْنَادٍ وَتَارَةً يَذْكُرُهُ مُرْسَلًا -وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ: وَقِيلَ كَذَا-.
ثُمَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ بِإِسْنَادٍ تَارَةً يَكُونُ إسْنَادُهُ صَحِيحًا وَتَارَةً يَكُونُ ضعِيفًا، بَل مَوْضُوعًا، وَمَا يَذْكُرُهُ مُرْسَلًا وَمَحْذُوف الْقَائِلِ أَوْلَى، وَهَذَا كَمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي مُصَنَّفَاتِ الْفُقَهَاءِ.
فَإِنَّهُ قَد ذَكَرَ آثَارًا حَسَنَةً بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ؛ مِثْلُ مَا رَوَاهُ عَن الشَّيْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ الداراني أَنَّهُ قَالَ: "إذَا سَلَا الْعَبْدُ عَن الشَّهَوَاتِ فَهُوَ رَاضٍ".
وَذكَرَ عَن الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت النَّصْرَ آبَادِي يَقُولُ: "مَن أَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ مَحَلَّ الرضا فَلْيَلْزَمَ مَا جَعَلَ اللهُ رِضَاهُ فِيهِ" فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي
(١) هذا من إنصافه وعدله والْتماسه الأعذار لزلات العلماء والصالحين، وهكذا يجب على المسلم تجاه ما يراه من زلات المسلمين الصالحين.