للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ لِأَهْلِ بَدْرٍ وَنَحْوِهِمْ: "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَد غَفَرْت لَكُمْ" (١): إنْ حُمِلَ عَلَى الصَّغَائِرِ أَو عَلَى الْمَغْفِرَةِ مَعَ التَّوْبَةِ لَمْ يَكُن فَرْقٌ بَيْنَهُم وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ.

فَكَمَا لَا يَجُوزُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْكفْرِ؛ لِمَا قَد عُلِمَ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يُغْفَرُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ: لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ الصَّغَائِرِ الْمُكَفَّرَةِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ.

الرَّابعُ: أَنَّهُ قَد جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ: "أَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِن عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإنْ أكمَلَها وَإِلَّا قِيلَ: اُنْظُرُوا هَل لَهُ مِن تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَت بِهِ الْفَرِيضَةُ، ثُمَّ يُصْنَعُ بِسَائِرِ أَعْمَالِهِ كَذَلِكَ" (٢).

وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ النَّقْصَ الْمُكَمَّلَ لَا يَكُونُ لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ؛ فَإِنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى جبران، وَلأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَبِّ الْمَتْرُوكِ وَالْمَفْعُولِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَكْمُلُ نَقْصُ الْفَرَائِضِ مِن التَّطَوُّعَاتِ. اهـ.

وجاء في "الآداب الشرعية" (١/ ١٤٧، ١٤٨): ذكر الشيخ تقي الدين -رضي الله عنه-: أن الحسنة تعظم ويكثر ثوابها بزيادة الإيمان والإخلاص حتى تقابل جميع الذنوب، وذكر حديث: "فثقلت البطاقة وطاشت السجلات" (٣)، وحديث: "البغي التي سقت الكلب فشكر الله لها ذلك فغفر لها" (٤)، وحديث: "الذي نحى غصن شوك عن الطريق فشكر الله له ذلك فغفر له" رواه


(١) رواه البخاري (٣٠٠٧)، ومسلم (٢٤٢٩).
(٢) رواه ابن ماجه (١٤٢٥)، والترمذي (٤١٣)، وأبو داود (٨٦٤)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير (٢٠٢٠ - ٨٩٢).
(٣) رواه الترمذي (٢٦٣٩)، وابن ماجه (٤٣٠٠)، وأحمد (٦٩٩٤)، وصحَّحه الألبانى فى صحيح الترمذي.
(٤) رواه البخاري (٣٤٦٧)، ومسلم (٢٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>