للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَجَابَ: مَتَى اعْتَاضَ عَن الْحَرَامِ عِوَضًا بِقَدْرِهِ فَحُكْم الْبَدَلِ حُكْم الْمُبْدَلِ مِنْهُ.

فَإِنْ كَانَ قَد نَمَّى بِفِعْلِهِ نَمَاء مِن رِبْحٍ أَو كَسْب أَو غَيْر ذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ، وَأَعْدَل الْأَقْوَالِ أَنْ يُقْسَمَ النَّمَاء بَيْنَ مَنْفَعَةِ الْمَالِ وَبَيْنَ مَنْفَعَةِ الْعَامِلِ (١) بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارَبَةِ؛ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- فِي الْمَالِ الَّذِي اتَّجَرَ مِنْهُ أَوْلَاده مِن بَيْتِ الْمَالِ.

وَهَكَذَا كُلُّ نَمَاءٍ بَيْنَ أَصْلَيْنِ إذَا بِيعَ الْأَصْلُ.

وجاء خلاف ذلك في "الإنصاف" (٥/ ٤٢٧)، و"الفتاوى الكبرى" (٥/ ٤٠٣): الربح الحاصل من مال لم يأذن مالكه في التجارة فيه: فقيل: هو للمالك فقط؛ كنماء الأعيان.

وقيل: للعامل فقط؛ لأن عليه الضمان.

وقيل: يتصدقان به؛ لأنه ربح خبيث.

وقيل: يكون بينهما على قدر النفعين بحسب معرفة أهل الخبرة، وهو أصحهما، وبه حكم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ إلا أن يتجر به في غير وجه العدوان مثل أن يعتقد أنه مال نفسه فيتبين أنه مال غيره فهنا يقتسمان الربح بلا ريب.

وذكر أبو العباس في موضع آخر: أنه إذا كان عالمًا بأنه مال الغير فهنا يتوجه قول من لا يعطيه شيئًا؛ لأنه حصل بفعل محرم فلا يكون سببًا للإباحة.

فإذا تاب: سقط حق الله بالتوبة وأبيح له حينئذ بالقسمة.

فأما إذا لم يتب: ففي حله نظر.


(١) فالمال جاء عن طريق الحرام، فمنفعته لا تكون له، بل يتصدق به بنية التخلص، وأما ما قام به من العمل فهو مِلْكه، وهو حلال عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>