للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذَا كَانَ الْخَضِرُ حَيًّا دَائِمًا فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُر النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَلِكَ قَطُّ؟ وَلَا أَخْبَرَ بِهِ أُمَّتَهُ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ؟

وجاء ما يُخالف ذلك في (٤/ ٣٣٨ - ٣٤٠): وسُئِلَ الشَّيْخُ -رحمة الله-: هَلْ كَانَ الْخَضِرُ -عليه السلام- نَبِيًّا أَوْ وَليًّا؟ وَهَلْ هُوَ حَيٌّ إلَى الْآنَ؟ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّه قَالَ: "لَوْ كَانَ حَيًّا لَزَارَنِي" هَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ: أَمَّا نُبُوَّتُهُ: فَمِنْ بَعْدِ مَبْعَثِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُوحَ إلَيْهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ وَأَمَّا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نبوَّتِهِ.

وَأَمَّا حَيَاتُة: فَهُوَ حَيٌّ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا أَصْلَ لَه، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ إسْنَادٌ؛ بَل الْمَرْوِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَدْ قَالَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي لَا يُحَاطُ بِهِ.

وَمَن احْتَجَّ عَلَى وَفَاتِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّهُ عَلَى رَأسِ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ"، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخَضِرُ إذْ ذَاكَ عَلَى وَجْهِ الْأرْضِ، وَلأَنَّ الدَّجَّالَ -وَكَذَلِكَ الْجَسَّاسَةُ- الصَّحِيحُ أَنَّه كَانَ حَيًّا مَوْجُودًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بَاقٍ إلَى الْيَوْمِ لَمْ يَخْرُجْ، وَكَانَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ.

فَمَا كَانَ مِن الْجَوَابِ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْجَوَابَ عَن الْخَضِرِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْأَرْضِ لَمْ يَدْخلْ فِي هَذَا الْخَبَرِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ -صلى الله عليه وسلم- الْآدَمِيِّينَ الْمَعْرُوفِينَ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَن الْعَادَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعُمُومِ، كَمَا لَمْ تَدْخُل الْجِنُّ، وَإِنْ كَانَ لَفْظًا يَنْتَظِمُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَتَخْصِيصُ مِثْلِ هَذَا مِنْ مِثْلِ هَذَا الْعُمُومِ كَثِيرٌ مُعْتَادٌ. اهـ.

قال عبد الرحمن بن قاسم -رحمة الله- جامع الفتاوى: (هكذا وجدت هذه الرسالة. ا هـ.

وكأنه شكَّك في صحة نسبة الفتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية-رحمة الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>