فَقَالَ لَهُ إسْحَاقُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢].
فَقَالَ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللهِ بْن طَاهِرٍ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ هَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ؟
فَقَالَ إسْحَاقُ: أَعَزَّ اللهُ الْأَمِيرَ، وَمَن يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَن يَمْنَعهُ الْيَوْمَ؟
ثُمَّ بَعْدَ هَذَا إذَا نَزَلَ: هَل يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ أَو لَا يَخْلُو؟
هَذِهِ مَسْألَة أُخْرَى تَكَلَّمَ فِيهَا أَهْلُ الْإِثْبَاتِ:
فَمِنْهُم مَن قَالَ: لَا يَخْلو مِنْهُ الْعَرْشُ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَن الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ فِي رِسَالَتِهِ إلَى مُسَدَّدٍ، وَعَن إسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه، وَحَمَّادِ بْنِ زيدٍ، وَغثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدارمي وَغَيْرِهِمْ.
وَمِنْهُم مَن أَنْكَرَ ذَلِكَ وَطَعَنَ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَقَالَ: رَاوِيهَا عَن أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ.
وَالْقَوْلُ الْأوَّلُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ؛ كَحَمَّادِ بْنِ زيْدٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه، وَغَيْرِهِمَا.
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، ثَنَا أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: قَالَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه: دَخَلْت عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاهِرٍ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَرْوُونَهَا؟ قُلْت: أَيُّ شَيءٍ أَصْلَحَ اللهُ الْأَمِيرَ؟ قَالَ: تَرْوُونَ أَنَّ اللهَ يَنْزِلُ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟ قُلْت: نَعَمْ، رَوَاهَا الثِّقَاتُ الَّذِينَ يَرْوُونَ الْأَحْكَامَ، قَالَ: أَيَنْزِلُ وَيَدَعُ عَرْشَه؟ قَالَ: فَقُلْت: يَقْدِرُ أَنْ يَنْزِلَ مِن غَيْرِ أَنْ يَخْلُوَ الْعَرْشُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَلمَ تتَكَلَّمُ فِي هَذَا.
وَقَد رَوَاهَا اللكائي أَيْضًا بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَاللَّفْظُ مُخَالِف لِهَذَا.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَصَحُّ.
وعَبْدُ اللهِ بْنُ طَاهِر -وَهُوَ مِن خِيَارِ مَن وَليَ الْأَمْرَ بِخُرَاسَانَ-: كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ اللهَ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْزِلُ؛ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَخْلُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute