للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ: كَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالزنى وَغَيْرِ ذَلِكَ. أَو جَحْدِ حِلَّ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ: كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالنَّكَاحِ: فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِن أَضْمَرَ ذَلِكَ كَانَ زِنْدِيقًا مُنَافِقًا لَا يُسْتَتَابُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ بَل يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْهُ.

لَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَن يَكُونُ جَاهِلًا بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ جَهْلًا يُعْذَرُ بِهِ، فَلَا يُحْكَمُ بكُفْرِ أَحَدٍ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ مِن جِهَةِ بَلَاغٍ الرِّسَالَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥].

وَلهَذَا لَو أَسْلَمَ رَجُلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَة عَلَيْهِ، أَو لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْخَمْرَ يَحْرُمُ: لَمْ يَكْفُرْ بِعَدَمِ اعْتِقَادِ إيجَابِ هَذَا وَتَحْرِيمِ هَذَا؛ بَل وَلَمْ يُعَاقَبْ حَتَّى تَبْلُغَهُ الْحُجَّةُ النَبوِيَّةُ.

بَل قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَن أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ أنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَة ثُمَّ عَلِمَ، هَل يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ فِي حَالِ الْجَهْلِ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالثانِي: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

بَل النِّزَاعُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ مَن تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الْحِجَّةِ: مِثْلُ تَرْكِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ يَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِتَيَمُّم، أَو مَن أَكلَ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِن الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ويحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، كَمَا جَرَى ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ، أو مَسَّ ذَكَرَهُ أَو أَكَلَ لَحْمَ الْإِبِلِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ وُجُوبُ ذَلِكَ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هَل يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>