يَكُونُ الْمُسَمَّى وَاحِدًا لَمْ يَصْطَلِحْ مَعَ غَيْرِهِ، وَقَد يَسْتَوُونَ فِيمَا يُسَمُّونَهُ.
وَكَذَلِكَ قَد يَحْدُثُ لِلرَّجُلِ آلَةٌ مِن صِنَاعَةٍ، أَو يُصَنِّفُ كِتَابًا، أَو يَبْنِي مَدِينَةً، وَنَحْو ذَلِكَ، فَيُسَمِّي ذَلِكَ بِاسْم؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِن الْأَجْنَاسِ الْمَعْرُوفَةِ حَتَى يَكُونَ لَهُ اسْمٌ فِي اللُّغَةِ الْعَامَّةِ. وَقَد قَالَ اللهُ: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)} [الرحمن: ١ - ٤] .. وَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا كَانَ قَد عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَعَرَضَ الْمُسَمَّيَاتِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْ آدَمَ جَمِيعَ اللُّغَاتِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا جَمِيعُ النَّاسِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ تِلْكَ اللّغَاتِ اتَّصَلَتْ إلَى أَوْلَادِهِ، فَلَا يَتَكَلَّمُونَ إلا بِهَا: فَإِنَّ دَعْوَى هَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ.
وَالْعُلَمَاءُ مِن الْمُفَسّرِينَ وَغَيْرِهِمْ لَهُم فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي عَلَّمَهَا اللهُ آدَمَ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ عَن السَّلَفِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إنَّمَا عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ مَن يَعْقِلُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ اللهَ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيءٍ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة: ٣١]؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مَن يَعْقِلُ وَمَن لَا يَعْقِل فَغُلّبَ مَن يَعْقِلُ.
فَبِالْجُمْلَةِ يَكْفِينَا أَنْ يُقَالَ: الْإِلْهَامُ كَافٍ فِي النُّطْقِ بِاللُّغَاتِ مِن غَيْرِ مُوَاضَعَةٍ مُتَقَدّمَةٍ، وَإِذَا سُمّيَ هَذَا تَوْقِيفًا فَلْيُسَمَّ تَوْقِيفًا، وَحِينَئِذٍ فَمَن ادَّعَى وَضْعًا مُتَقَدِّمًا عَلَى اسْتِعْمَالِ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ فَقَد قَالَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْلُومُ بِلَا ريبٍ هُوَ الِاسْتِعْمَالُ. [٧/ ٩١ - ٩٦]
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute