للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ج - وَعَلَى الصِّفَةِ الْأُخْرَى بِطَرِيقِ اللُّزومِ (١).

وَهَكَذَا أَسْمَاءُ كِتَابِهِ: الْقُرْآنُ، وَالْفُرْقَانُ، وَالْكِتَابُ .. وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ رَسولِهِ: مُحَمَّد، وَأَحْمَد، وَالْمَاحِي .. كُلُّ اسْمٍ يَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ مِن صِفَاتِهِ الْمَمْدُوحَةِ غَيْرِ الصِّفَةِ الْأخْرَى.

وَهَكَذَا مَا يُثَنَّى ذِكْرُهُ مِن الْقَصَصِ فِي الْقُرْآنِ؛ كَقِصَّةِ مُوسَى وَغَيْرِهَا، لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِهَا أَنْ تَكُونَ سَمَرًا؛ بَل الْمَقْصُودُ بِهَا أَنْ تَكُونَ عِبَرًا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١]؛ فَاَلَّذِي وَقَعَ شَيءٌ وَاحِدٌ وَلَهُ صِفَاتٌ، فَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعِبَارَات مُتَنَوِّعَةٍ، كُلُّ عِبَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ مِن الصِّفَاتِ الَّتِي يَعْتَبِرُ بِهَا الْمُعْتَبِرُونَ، وَلَيْسَ هَذَا مِن التَكْرِيرِ فِي شَيءٍ.

وَهَكَذَا أَسْمَاءُ دِينِهِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، يُسَمَّى إيمَانًا، وَبِرًّا، وَتَقْوَى، وَخَيْرًا، وَدِينًا، وَعَمَلًا صَالِحًا، وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَنَحْو ذَلِكَ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ، لَكِنَّ كُلَّ اسْمٍ يَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ لَيْسَتْ هِيَ الصِّفَةَ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْآخَرُ، وَتَكُونُ تِلْكَ الصِّفَةُ هِيَ الْأَصْلَ فِي اللَّفْظِ، وَالْبَاقِي كَانَ تَابِعًا لَهَا لَازِمًا لَهَا، ثُمَّ صَارَتْ دَالَّةً عَلَيْهِ بِالتَّضَمُّنِ.

فَإِنَّ الْإِيمَانَ: أَصْلُهُ الْإِيمَانُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِن شَيْئَيْنِ:

أ - تَصْدِيقٍ بِالْقَلْبِ.

ب- وإقْرَارِهِ وَمَعْرِفَتِهِ.

وَيُقَالُ لِهَذَا: قَوْلُ الْقَلْبِ.

قَالَ الْجُنَيْد بْنُ مُحَمَّدِ: التَّوْحِيدُ: قَوْلُ الْقَلْبِ، وَالتَّوَكُّلُ: عَمَلُ الْقَلْبِ.

فَلَا بُدَّ فِيهِ مِن قَوْلِ الْقَلْبِ وَعَمَلِهِ، ثُمَّ قَوْلِ الْبَدَنِ وَعَمَلهِ.


(١) مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، للعلامة ابن عثيمين (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>