الْأَمْرَيْنِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُم مَثَلُهُم هَذَا وَهَذَا، فَإِنَّهُم لَا يَخْرُجُونَ عَن الْمَثَلَيْنِ؛ بَل بَعْضُهُم يُشْبِهُ هَذَا، وَبَعْضُهُم يُشْبِهُ هَذَا، وَلَو كَانُوا كُلُّهُم يُشْبِهُونَ الْمَثَلَيْنِ لَمْ يَذْكُرْ (أَوْ)؛ بَل يَذْكُر الْوَاوَ الْعَاطِفَةَ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ:
- أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَثَلِ الْأوَّلِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: ١٧١].
وَقَالَ فِي الثَّانِي: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)} [البقرة: ١٩، ٢٠].
فَبَيَّنَ فِي الْمَثَلِ الثَّانِي: أَنَّهُم يَسْمَعُونَ وَيُبْصِرُونَ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ}.
وَفِي الْأَوَّلِ: كَانُوا يُبْصِرُونَ ثُمَّ صَارُوا {فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: ١٧، ١٨].
- وَفِي الثَّانِي: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} الْبَرْقُ {مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} [البقرة: ٢٠].
فَلَهُم حَالَانِ: حَالُ ضِيَاءٍ، وَحَالُ ظَلَامٍ، وَالْأَوَّلُونَ بَقُوا فِي الظُّلْمَةِ.
فَالْأَوَّلُ: حَالُ مَن كَانَ فِي ضَوْءٍ فَصَارَ فِي ظُلْمَةٍ.
وَالثَّانِي: حَالُ مَن لَمْ يَسْتَقِرَّ لَا فِي ضَوْءٍ وَلَا فِي ظُلْمَةٍ؛ بَل تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الْأحْوَالُ الَّتِي تُوجِبُ مَقَامَهُ وَاسْتِرَابَتَهُ.
= فَتُلُخِّصَ مِن مَجْمُوعِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ صِنْفَانِ: مُقَرَّبُونَ وَأبْرَارٌ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ صِنْفَانِ: دُعَاةٌ وَمُقَلِّدُونَ، وَأَنَّ الْمُنَافِقِينَ -أَيْضًا- صِنْفَانِ: مُنَافِقٌ خَالِصٌ، وَمُنَافِقٌ فِيهِ شُعْبَةٌ مِن نِفَاقٍ. اهـ. تفسير ابن كثير (١/ ١٩٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute