وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَدْخلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا.
فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ذَكَرَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ دُونَ بَعْضٍ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ: فَأَجَابَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ سَبَبَ هَذَا أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَصَرَ بَعْضُهُم الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا طَعْنٌ فِي الرُّوَاةِ، وَنِسْبَةٌ لَهُم إلَى الْكَذِبِ؛ إذ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا يَقَعُ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ؛ مِثْلُ حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ حَيْثُ ذَكَرَ بَعْضُهُم الصِّيَامَ وَبَعْضُهُم لَمْ يَذْكُرْهُ، وَحَدِيث ضِمَامٍ حَيْثُ ذَكَرَ بَعْضُهُم الْخُمسَ وَبَعْضُهُم لَمْ يَذْكُرْهُ، وَحَدِيث النُّعْمَانِ بْنِ قَوقَل حَيْثُ ذَكَرَ بَعْضُهُم فِيهِ الصِّيَامَ وَبَعْضهُم لَمْ يَذْكُرْهُ، فَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدَ الرَّاوِيَيْنِ اخْتَصَرَ الْبَعْضَ أَو غَلِطَ فِي الزِّيَادَة.
فَأَمَّا الْحَدِيثَانِ الْمُنْفَصِلَانِ: فَلَيْسَ الْأَمْرُ فِيهِمَا كَذَلِكَ، لَا سِيَّمَا وَالْأَحَادِيثُ قَد تَوَاتَرَتْ بِكَوْنِ الْأَجْوِبَةِ كَانَت مُخْتَلِفَةً.
وَلَكِنْ عَن هَذَا جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَجَابَ بِحَسَبِ نُزُولِ الْفَرَائِضِ، وَأَوَّلُ مَا فَرَضَ اللهُ الشَهَادَتَيْنِ، ثُمَّ الصَّلَاةَ؛ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِ الْوَحْيِ.
وَأُمِرُوا بِالزَّكَاةِ وَالْإِحْسَانِ فِي مَكَّةَ، وَلَكِنَّ فَرَائِضَ الزَّكَاةِ وَنُصُبَهَا إنَّمَا شُرِعَتْ بِالْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ إنَّمَا فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِن الْهِجْرَةِ، وَأَدْرَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَ رمضانات.
وَأَمَّا الْحَجُّ فَقَد تَنَازَعَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ مِن الْهِجْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: إنَّمَا وَجَبَ الْحَجُّ مُتَأَخِّرًا:
قِيلَ: سَنَةَ تِسْعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute