للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ نَشَأَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَةِ وَالْحَدِيثِ النِّزَاعُ فِي مَسْأَلَتَي: الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ؛ بِسَبَبِ أَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ، وَمَعَانِي مُتَشَابِهَةٍ.

وَطَائِفَةٌ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ؛ كَالْبُخَارِيِّ صَاحِبِ الصَّحِيحِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِي وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: "الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ".

وَلَيْسَ مُرَادُهُم شَيْئًا مِن صِفَاتِ اللهِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُم بِذَلِكَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ، وَقَد اتَّفَقَ أئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ.

وَصَارَ بَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَهَؤُلَاءِ خَالَفُوا أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرَهُ مِن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وَجَرَتْ لِلْبُخَارِيِّ مِحْنَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ.

وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ: فَالْوَاجِبُ أَنْ نُثْبِتَ مَا أَثْبَتَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَنَنْفِيَ مَا نَفَى الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.

وَاللَّفْظُ الْمُجْمَلُ الَّذِي لَمْ يَرِدْ فِي الْكتَابِ وَالسُّنَّةِ: لَا يُطْلَقُ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ بِهِ؛ كَمَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ: الرَّبُّ مُتَحَيِّزٌ أَو غَيْرُ مُتَحَيِّزٍ، أَو هُوَ فِي جِهَةِ أَو لَيْسَ فِي جِهَةٍ.

قِيلَ: هَذِهِ الْألْفَاظُ مُجْمَلَةٌ، لَمْ يَرِدْ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، وَلَمْ يَنْطِقْ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان بِإِثْبَاتِهَا وَلَا نَفْيِهَا:

- فَإِنْ كَانَ مُرَادُك بِقَوْلِك إنَّهُ يُحِيظ بِهِ شَيْءٌ مِن الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَيْسَ هُوَ بِقُدْرَتِهِ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحَمَلَتَهُ، وَلَيْسَ هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ مِن كُلِّ شَيْءٍ: فَلَيْسَ هُوَ مُتَحَيِّزًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

- وَإِن كَانَ مُرَادُك أَنَّهُ بَائِن عَن مَخْلُوقَاتِهِ، عَالٍ عَلَيْهَا، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ: فَهُوَ سُبْحَانَهُ بَائِن مِن خَلْقِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أئِمَّةُ السُّنَّةِ.

وَإِذَا قَالَ: الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ أَو غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟

قِيلَ لَهُ: مَا تُرِيدُ بِالْإِيمَانِ؟:

<<  <  ج: ص:  >  >>