والنحل (١/ ٤٠٩): ليست الأسماء مشتقة من صفة أصلًا .. وصح بهذا البرهان الواضح أنه لايدل حينئذ عليم على علم، ولا قدير على قدرة، ولا حي على حياة، وهكذا في سائر ذلك. اهـ.قال الحافظ ابن حجر رَحِمَه الله في الرد عليه: وَفِي حَدِيث الْبَاب -في الرجل الذي يَقْرَأُ لِأصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "سَلُوهُ لِأَيِّ شَيءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ "، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَن، وَأَنَا أحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَخْبِرُوهُ أنَّ اللهَ يُحِبُّهُ"-: حُجَّة لِمَن أَثْبَتَ أَنَّ لِلَّهِ صِفَة وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور، وَشَذَّ اِبْن حَزْم فَقَالَ: هَذ لَفْظَة اِصْطَلَحَ عَلَيْهَا أَهْل الْكَلَام مِن الْمُعْتَزِلَة وَمَن تَبِعَهُم، وَلَمْ تَثْبُت عَن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَا عَن أَحَد مِن أَصْحَابه، فَإِن اِعْتَرَضُوا بِحَدِيثِ الْبَاب فَهُوَ مِن أَفْرَاد سَعِيد بْن أبِي هِلَال وَفِيهِ ضَعْف، قَالَ: وَعَلَى تَقْدِير صِحَّته فَقُلْ هُوَ الله أحَد صِفَة الرَّحْمَن كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيث، وَلَا يُزَاد عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصِّفَة التِي يُطْلِقُونَهَا فَإِنَّهَا فِي لُغَة الْعَرَب لَا تُطْلَق إِلَّا عَلَى جَوْهَر أَو عَرَض! كَذَا قَالَ، وَسَعِيد مُتَّفَق عَلَى الِاحْتِجَاج بِهِ فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ فِي تَضْعِيفه، وَكَلَامه الْأخِير مَرْدُود بِاتِّفَاقِ الْجَمِيع عَلَى إِثْبَات الْأسْمَاء الْحُسْنَى، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] وَقَالَ بَعْد أنْ ذَكَرَ مِنْهَا عِدَّة أَسْمَاء فِي آخِر سُورَة الْحَشْر: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: ٨]، وَالْأسْمَاء الْمَذْكُورَة فِيهَا بِلُغَةِ الْعَرَب صِفَات فَفِي إِثبَات أَسْمَائِهِ إِثْبَات صِفَاته؛ لِأنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أنَّهُ حَيّ مَثَلًا فَقَد وُصِفَ بِصِفَةٍ زَائِدَة عَلَى الذَّات وَهِيَ صِفَة الْحَيَاة، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُنْبِئُ عَن وُجُود الذَّات فَقَطْ، وَقَد قَالَ سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)} [الصافات: ١٨٠] فَنَزَّهَ نَفْسه عَمَّا يَصِفُونَهُ بِهِ مِن صِفَة النَّقْص، وَمَفْهُومه أَنَّ وَصْفه بِصِفَةِ الْكَمَال مَشْرُوع. فتح الباري (١٣/ ٤٣٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute