للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذَا سُؤَالٌ خَاصَمَ الْمَلَأَ الْعُلَا … قَدِيمًا بهِ إبْلِيسُ أَصْلُ الْبَلِيَّةِ

وَمَن يَكُ خَصْمًا لِلْمُهَيْمِنِ يَرْجِعَن … عَلَى أُمِّ رَأسٍ هَاوِيًا فِي الْحُفيرَةِ

وَيُدْعَى خُصُومُ اللهِ يَوْمَ مُعَادِهِمْ … إلَى النَّارِ طُرًّا مَعْشَرَ الْقَدَرِيَّةِ

سَوَاءٌ نَفَوْهُ أَو سَعَوْا لِيُخَاصِمُوا … بِهِ اللهَ أَو مَارَوْا بِهِ لِلشَّرِيعَةِ

وَأَصْلُ ضَلَالِ الْخَلْقِ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ … هُوَ الْخَوْضُ فِي فِعْلِ الْإِلَهِ بِعِلَّةِ

فإنهمُ لَمْ يَفْهَمُوا حِكْمَةً لَهُ … فَصَارُوا عَلَى نَوْعٍ مِن الْجَاهِلِيَّةِ

فَإِنَّ جَمِيعَ الْكَوْنِ أَوْجَبَ فِعْلَهُ … مَشِيئَةُ رَبِّ الْخَلْقِ بَارِي الْخَلِيقَةِ

وَذَاتُ إلَهِ الْخَلْقِ وَاجِبَةٌ بِمَا … لَهَا مِن صِفَاتٍ وَاجِبَاتٍ قَدِيمَةِ

مَشِيئَتُهُ مَعَ عِلْمِهِ ثُمَّ قُدْرَةٌ … لَوَازِمُ ذَاتِ اللهِ قَاضِي الْقَضِيَّةِ

وَإِبْدَاعُهُ مَا شَاءَ مِن مُبْدِعَاتِهِ … بِهَا حِكْمَةٌ فِيهِ وَأَنْوَاعُ رَحْمَةِ

وَلَسْنَا إذَا قُلْنَا جَرَتْ بمَشِيئَةِ … مِن الْمُنْكِرِيْ آيَاتِهِ الْمُسْتَقِيمَةِ

بَلِ الْحَقُّ أَنَّ الْحُكْمَ لِلهِ وَحْدَهُ … لَهُ الْخَلْقُ وَالْأمْرُ الَّذِي فِي الشَّرِيعَةِ

هُوَ الْمَلِكُ الْمَحْمُودُ فِي كُلِّ حَالَةٍ … لَهُ الْمُلْكُ مِن غَيْرِ انْتِقَاصٍ بِشِرْكَةِ

فَمَا شَاءَ مَوْلَانَا الْإِلَهُ فَإِنَّهُ … يَكُونُ وَمَا لَا لَا يَكُونُ بِحِيلَةِ

وَقُدْرَتُهُ لَا نَقْصَ فِيهَا وَحُكْمُهُ … يَعُمُّ فَلَا تَخْصِيصَ فِي ذِي الْقَضِيَّةِ

أُرِيدَ بِذَا أَنَّ الْحَوَادِثَ كُلَّهَا … بِقُدْرَتِهِ كَانَت وَمَحْضِ الْمَشِيئَةِ

وَمَالِكُنَا فِي كُلِّ مَا قَد أَرَادَهُ … لَهُ الْحَمْدُ حَمْدًا يَعْتَلِي كُلَّ مِدْحَةِ

فَإِنَّ لَهُ فِي الْخَلْقِ رَحْمَتَهُ سَرَتْ … وَمَن حَكَمَ فَوْقَ الْعُقُولِ الْحَكِيمَةِ (١)

أُمُورًا يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهَا إذَا رَأَى … مِن الْحِكَمِ الْعُلْيَا وَكُلَّ عَجِيبَةِ

فَنُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ عَزَّ بِقُدْرَةٍ … وَخَلْقٍ وَإِبْرَامٍ لِحُكْمِ الْمَشِيئَةِ

فَنُثْبِتُ هَذَا كُلَّهُ لِإِلَهِنَا … وَنُثْبِتُ مَا فِي ذَاكَ مِن كُلِّ حِكْمَةِ

وَهَذَا مَقَامٌ طَالَمَا عَجَزَ الْأُلَى … نَفَوْهُ وَكَرُّوا رَاجِعِينَ بِحَيرَةِ

وَتَحْقِيقُ مَا فِيهِ بِتَبْيِينِ غَوْرِهِ … وَتَحْرِيرِ حَقِّ الْحَق فِي ذِي الْحَقِيقَةِ


(١) هذا البيت فيه كسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>