للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَدْعُو بِالْأَدْعِيَةِ الَّتِي فِيهَا طَلَبُ إعَانَةِ اللهِ لَهُ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ؛ كَقَوْلِهِ: "أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك".

وَرَأسُ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ وَأَفْضَلُهَا قَوْلُهُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة: ٦، ٧] (١).

فَهَذَا الدُّعَاءُ أَفْضَلُ الْأَدْعِيَةِ وَأَوْجَبُهَا عَلَى الْخَلْقِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ صَلَاحَ الْعَبْدِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَهَذِهِ أَدْعِيَةٌ كَثِيرَةٌ تَتَضَمَّنُ افْتِقَارَ الْعَبْدِ إلَى اللهِ فِي أَنْ يُعْطِيَهُ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، فَهَذَا افْتِقَارٌ وَاسْتِعَانَةٌ بِاللهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ.

فَإِذَا حَصَلَ بِدُعَاء أَو بِغَيْرِ دُعَاءٍ: شَهِدَ إنْعَامَ اللهِ فِيهِ، وَكَانَ فِي مَقَامِ الشُّكْرِ وَالْعُبُودِيَّةِ للهِ، وَأَنَّ هَذَا حَصَلَ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، لَا بِحَوْلِ الْعَبْدِ وَقُوَّتِهِ.

فَشُهُودُ الْقَدَرِ فِي الطَّاعَاتِ مِن أَنْفَعِ الْأُمُورِ لِلْعَبْدِ، وَغَيْبَتُهُ عَن ذَلِكَ مِن أَضَرِّ الْأُمُورِ بِهِ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدَرِيًّا (٢) مُنْكِرًا لِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

وَإِن لَمْ يَكُن قَدَرِيَّ الِاعْتِقَادِ: كَانَ قَدَرِيَّ الْحَالِ؛ وَذَلِكَ يُورِثُ:

أ- الْعُجْبَ.

ب- وَالْكِبْرَ.

ج- وَدَعْوَى الْقُوَّةِ وَالْمِنَّةِ بِعَمَلِهِ.

د- وَاعْتِقَادَ اسْتِحْقَاقِ الْجَزَاءِ عَلَى اللهِ بِهِ.


(١) قال الشيخ في موضع آخر: وَالْمُرَادُ: طَلَبُ الْعِلْمِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلُ بِهِ جَمِيعًا. اهـ. (٧/ ١٦٦)
(٢) القدري: هو الذي ينفي أن يكون الله قدر عليه الفعل والترك، ويزعم أن ذلك بمحض إرادته، ولا دخل لمشيئة الله في أعماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>