للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ أَوَّلًا يَذْكُرُ فِي كُتُبِهِ كَثِيرًا مِن كَلَامِهِمْ: إمَّا بِعِبَارَتِهِمْ، وَإِمَّا بِعِبَارَة أُخْرَى.

ثُمَّ فِي آخِرِ أَمْرِهِ بَالَغَ فِي ذَمِّهِمْ، وَبَيَّنَ أَنَّ طَرِيقَهُم مُتَضَمِّنَةٌ مِن الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ مَا يُوجِبُ ذَمَّهَا وَفَسَادَهَا أَعْظَمَ مِن طَرِيقِ الْمُتَكَلِّمِينَ.

وَمَاتَ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.

وَالْمَنْطِقُ الَّذِي كَانَ يَقُولُ فِيهِ مَا يَقُولُ: مَا حَصَلَ لَهُ مَقْصُودُهُ، وَلَا أَزَالَ عَنْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِن الشَّكِّ وَالْحِيرَةِ، وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ الْمَنْطِقُ شَيْئًا.

وَلَكِنْ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ عُمُرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ صَارَ كَثِيرٌ مِن النُّظَّارِ يُدْخِلُونَ الْمَنْطِقَ الْيُونَانِيَّ فِي عُلُومِهِمْ، حَتَى صَارَ مَن يَسْلُكُ طَرِيقَ هَؤُلَاءِ مِن الْمُتَأَخِّرِينَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَّا هَذَا، وَإِنَّ مَا ادَّعَوْهُ مِن الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ هُوَ أَمْرٌ صَحِيحٌ مُسَلَّمٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَا زَالَ الْعُقَلَاءُ وَالْفُضَلَاءُ مِن الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ يَعِيبُونَ ذَلِكَ وَيَطْعَنُونَ فِيهِ.

وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ يَعِيبُونَهُ عَيْبًا مُجْمَلًا؛ لِمَا يَرَوْنَهُ مِن آثَارِهِ وَلَوَازِمِهِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا فِي أَهْلِهِ مِمَّا يُنَاقِضُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ، وَيُفْضِي بِهِم الْحَالُ إلَى أَنْوَاعٍ مِن الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ وَالضَّلَالِ. [٩/ ١٨٤ - ١٨٥]

٦٦٩ - الْكَلَامُ فِي الْمَنْطِقِ: إنَّمَا وَقَعَ لَمَّا زَعَمُوا أَنَّهُ آلَةٌ قَانُونِيَّة تَعْصِمُ مُرَاعَاتُهَا الذِّهْنَ أَنْ يَزَلَّ فِي فِكْرِهِ (١).

فَاحْتَجْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي هَذِهِ الْآلَةِ: هَل هِيَ كَمَا قَالُوا أَو لَيْس الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ (٢). [٩/ ١٩٤]


(١) هذا هو تعريف علم المنطق.
(٢) هذا سبب تعلمه للمنطق وقراءته لكتبهم مع قناعته بعدم فائدته بل وجزمه بضلال كثير مما جاء فيه.
فانظر إلى علو همته، ومنهجه السليم في عدم نقد علم إلا بعد النظر فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>