للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أ - فَتَارَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ، وَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَهَذَا فِعْلُ أَئِمَّتِهِمْ.

ب - وَتَارَةً يُعْرِضُونَ عَنْهُ ويقُولُونَ: نُفَوِّضُ مَعْنَاهُ إلَى اللهِ وَهَذَا فِعْلُ عَامَّتِهِمْ.

وَعُمْدَةُ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الْبَاطِنِ غَيْرُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، يَجْعَلُونَ أَقْوَالَهُم الْبِدْعِيَّةَ مُحْكَمَةً يَجِبُ اتِّبَاعُهَا وَاعْتِقَادُ مُوجَبِهَا، وَالْمُخَالِفُ: إمَّا كَافِرٌ، وَإِمَّا جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ هَذَا الْبَابَ، وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالْمَعْقُولِ وَلَا بِالْأُصُولِ، وَيَجْعَلُونَ كَلَامَ اللهِ وَرَسُولِهِ الَّذِي يُخَالِفُهَا مِن الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا اللهُ، أَو لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، وَالرَّاسِخُونَ عِنْدَهُم مَن كَانَ مُوَافِقًا لَهُم عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ (١).

والْمَقْصُودُ هُنَا: أنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَجْعَلَ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ هُوَ الْأَصْلَ ويتَدَبَّرَ مَعْنَاهُ، وَيَعْقِلَ وَيعْرِفَ بُرْهَانَهُ وَدَلِيلَهُ، إمَّا الْعَقْلِيَّ وَإِمَّا الْخَبَرِيَّ السَّمْعِيَّ، ويعْرِفَ دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا وَهَذَا، وَتُجْعَلُ أَقْوَالُ النَّاسِ الَّتِي قَد تُوَافِقُهُ وَتُخَالِفُهُ مُتَشَابِهَةً مُجْمَلَةً، فَيُقَالُ لِأَصْحَابِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ: يُحْتَمَلُ كَذَا وَكَذَا، وَيُحْتَمَلُ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ أَرَادُوا بِهَا مَا يُوَافِقُ خَبَرَ الرَّسُولِ قُبِلَ، وَإِن أَرَادُوا بِهَا مَا يُخَالِفُهُ رُدَّ. [١٣/ ١٤٢ - ١٤٦]

٧٢٣ - صَارَ كَثِيرٌ مِن الْمُتَأخرِينَ - مِن أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ - يَظُنُّونَ أَنَّ خُصُومَهُ (٢) كَانُوا الْمُعْتَزِلَةَ، وَيَظنُّونَ أَنَّ بِشْرَ بْنَ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيَّ - وإِن كَانَ قَد مَاتَ قَبْلَ مِحْنَةِ أَحْمَد وَابْنِ أبِي دؤاد وَنَحْوِهِمَا - كَانُوا مُعْتَزِلَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَل الْمُعْتَزِلَةُ كَانُوا نَوْعًا مِن جُمْلَةِ مَن يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. [١٤/ ٣٥٢]


(١) كأنه يتكلم عن حال مبتدعة عصرنا، فلهم ثوابت لا يتنازلون عنها أبدًا، وإذا رُدّ عليهم بصحيح وصريح الكتاب والسُّنَّة أوّلوه، وذلك لأنهم اعتقدوا ثم استدلوا، والمنصف والمؤمن: هو من يستدل ثم يعتقد.
(٢) أي: خصوم الإمام أحمد الذين قاموا عليه، وحرضوا الخليفة على سجنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>