وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْجَبْرِيَّةُ الْمُرْجِئَةُ أَكْفَرُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مِن الْمُعْتَزِلَةِ الوعيدية الْقَدَرِيَّةِ.
وَأَمَّا مُقْتَصِدَةُ الْمُرْجِئَةِ الْجَبْرِيَّةِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَأَنَّ مِن أَهْلِ الْقِبْلَةِ مَن يَدْخُلُ النَّارَ فَهَؤلَاءِ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ.
لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مِن الْقَدَرِيَّةِ أَصْلَحُ مِن الْجَبْرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَنَحْوِهِمْ فِي الشَّرِيعَةِ عِلْمَهَا وَعَمَلَهَا. فَكَلَامُهُم فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفِي اتِّبَاعِ الْأمْرِ وَالنَّهْيِ خَيْرٌ مِن كَلَامِ الْمُرْجِئَةِ مِن الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ قَاصِرٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ هُم مُقَصِّرُونَ فِي تَعْظِيمِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي. وَلَكِنْ هُم فِي أُصُولِ الدِّينِ أَصلَحُ مِن أُولَئِكَ فَإِنَّهُم يُؤْمِنُونَ مِن صِفَاتِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ بِمَا لَا يُؤْمِنُ بِهِ أُولَئِكَ. وَهَذَا الصِّنْفُ أَعْلَى. [١٦/ ٢٤١ - ٢٤٢]
٧٢٦ - قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)} [الشمس: ٨] إثْبَاتٌ لِلْقَدَرِ بِقَوْلِهِ: {فَأَلْهَمَهَا}.
وقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)} [الشمس: ٩، ١٠] إثْبَات لِفِعْلِ الْعَبْدِ .. ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَعَلَى الْجَبْرِيَّةِ لِلشَّرْعِ أَو لِفِعْلِ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا الْمُظَلِّمُونَ لِلْخَالِقِ فَإِنَّهُ قَد دَلَّ عَلَى عَدْلِهِ بِقَوْلِهِ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧)} [الشمس: ٧] وَالتَّسْوِيَةُ: التَّعْدِيلُ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ عَادِلٌ فِي تَسْوِيَةِ النَّفْسِ الَّتِي أَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. [١٦/ ٢٤٣ - ٢٤٤]
٧٢٧ - وَقَد ظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُفْتَرِقِينَ الْمُخْتَلِفِينَ مِن الْأُمَّةِ إنَّمَا ذَلِكَ:
أ - بِتَرْكِهِمْ بَعْضَ الْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ.
ب - وَأَخْذِهِمْ بَاطِلًا يُخَالِفُهُ.
ج - وَاشْتِرَاكِهِمْ فِي بَاطِلٍ يُخَالِفُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ.
فَإِذَا اشْتَرَكوا فِي بَاطِلٍ خَالَفُوا بِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّبِعِينَ لِلرُّسُلِ: نَسُوا حَظًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute