للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَسَنًا وَلَا قُبْحًا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُم أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى لِحِكْمَةٍ تَنْشَأُ مِن الْأَمْرِ نَفْسِهِ.

ب - وَالْجَهْمِيَّة الْجَبْرِيَّة يَقُوُلونَ: لَيْسَ لِلْأَمْرِ حِكْمَةٌ تَنْشَأُ لَا مِن نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا مِن نَفْسِ الْمَأمُورِ بِهِ، وَلَا يَخْلُق اللهُ شَيْئًا لِحِكْمَةٍ، وَلَكِنْ نَفْسُ الْمَشِيئَةِ أَوْجَبَتْ وُقُوعَ مَا وَقَعَ، وَتَخْصِيصَ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِلَا مُخَصَّصٍ، وَلَيْسَتِ الْحَسَنَاتُ سَبَبًا لِلثَّوَابِ، وَلَا السَّيِّئَاتُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ.

فَجَهْمٌ -رَأسُ الْجَبْرِيَّةِ- وَأَتْبَاعُهُ فِي طَرَفٍ، وَالْقَدَرِيَّةُ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ (١).

ج - وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَانٍ وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ كَالْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ وَغَيْرِهِمْ وَمَن سَلَكَ سَبِيلَهُم مِن أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالْمُتَكَلِّمِين فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأصُولِ الْفِقْهِ فَيُقِرُّونَ بِالْقَدَرِ، وَيُقِرُّونَ بِالشَّرْعِ، وَيُقِرُّونَ بِالْحِكمَةِ للهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ. [١٧/ ١٩٨ - ٢٠٠]

* * *

٧٣٧ - ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: ١٧]، هُم الْيَعْقُوبِيَّةُ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَقَالَتِ


(١) ذكر الشيخ رحمه الله تعالى فرقين من الفروق التي بين المعتزلة والجهمية، وهما:
١ - في مسألة القدر: فإن الجهمية من غلاة الجبرية - أي: أن العبد مجبور على فعله - والمعتزلة قدرية، يقولون: إن الله لم يخلق أفعال العباد، بل العبد مستقل بفعله.
٢ - في مسألة حِكْمَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْي: فالْجَهْمِيَّة ينفون الحكمة في خلق الله وتقديره.
والْمُعْتَزِلَةُ يَقُولُونَ: إنَّ مَا أمَرَ بَهِ وَنَهَى عَنْهُ كَانَ حَسَنًا وَقَبِيحًا قَبْلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْي، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ كَاشِفٌ عَن صِفَتِهِ الَّتي كَانَ عَلَيْهَا، لَا يُكْسِبُهُ حَسَنًا وَلَا قُبْحًا.
وهناك فروق منها:
٣ - في مسمى الإيمان: الجهم بن صفوان مق المرجئة الغلاة، والمعتزلة وعيدية.
٤ - في مسألة حكم مرتكب الكبيرة: الجهم بن صفوان يرى أن الإيمان هو محض المعرفة، وأنه لا يضر مع الإيمان ذنب، والمعتزلة ترى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار.
٥ - في مسألة الأسماء والصفات: أَنْكَرَت الْجَهْمِيَّة أَسْمَاءَ الله وصفاتِه، وأنكرت المعتزلة صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى دون الأسماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>